أحــد تومـــا
كلمة الراعي: الشكّ والإيمان
ان شك توما بشري طبيعي اذ كيف تُعقل بشرياً قيامة ميت من بين الأموات، كيف يقبل العقل الانساني ان من “انتهى” بحسب اللغة المألوفة بين الناس يمكنه ان يعود حياً؟
الشك الطبيعي المعقول الذي انتاب المسمى توءماً لم يكن نهائياً لأن توما عِبْرَ شكه كان يوَد ان يخرج منه ولذلك لم يتوقف عند عدم التصديق البشري بل وضع شرطاً بينه وبين نفسه وعبَّر عن هذا الشرط لاخوته التلاميذ الآخرين الذين حظوا برؤية الرب الناهض من بين الأموات فقال لهم: “ان لم أعاين في يديه أثر المسامير وأضع يدي في جنبه لا أؤمن”.
طوبى لهذا الشك الذي ينتفض، طوبى لمن لا يقبل بحدوده البشرية، طوبى لمن يحاول، ولو يائساً سلفاً من عدم الوصول الى شيء، يحاول أن يتجاوز الآفاق الطبيعية الضيقة، آفاق العقل البشري المحدود، لكي يترك ولو نظرياً لنفسه نافذة يطلّ منها على الإله الخالق للعقل البشري، على الإله المتجسد من اجله والحامل في الجسد الذي اتخذه آثار آلام الصليب وطعن الجنب الطاهر بالحربة، الجنب الذي خرج منه الدم والماء ليطهّر الانسان غاسلاً اياه بحميم ماء الولادة الجديدة ونازعاً آثامه بلمس دمه الكريم لشفتيه الدنستين.
ولم يترك الرب المنتصر بموته على موت الانسان، لم يترك هذا الانسان يموت في يأسه بل بادر اليه في اليوم الثامن، يوم المجيء الممجد، بادر اليه ليلقاه وعوض أن يوبّخه لأنه لم يصدّق اخوته التلاميذ الآخرين عندما قالوا له أنه قد قام أتى هو اليه ليقول له كلمة واحدة: “ان الشرط الذي أنت وضعته كإنسان محدود لتؤمن بقيامتي، ها أنا اعطيك أن تتحقق منه قتنتقل من شكّك الطبيعي الى ايمان الهي فتعلن اني أنا الرب والاله”.
فانتقل توما بمعونة الرب المتحنن عليه وعلينا أجمعين من تردد انسان يقول في تحيّره البشري كيف يقوم مائت؟ الى انسان عرف أن المصلوب “هو” الذي قد قام وتأكد أن قيامة المسيح لايستطيع أحد أن يخفيها مع كل شرور العالم وشراء الضمائر لمحاولة الغائها كونه عرف أن يعاين أثر المسامير في يد الفادي المنقذ وأن يكتشف الجنب المطعون، فآثار الآلام الخلاصية كانت طريقه الوحيد الى يقين القيامة فصرخ ربي والهي المجد لك ونحن معه نطلب من الرب المنتصر على الموت أن يؤهلنا أن نكتشف آلامه في آلام البشر وآلامنا فننتقل مع توما من الشك البشري الطبيعي الى يقين قوة قيامته.آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 18 – في 30/4/1995