اطلق بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر اليازجي” المركز الانطاكي الارثوذكسي للاعلام” خلال حفل حاشد اقيم في اوديتوريوم الزاخم – حرم جامعة البلمند، في حضور وزير الاعلام رمزي جريج، البطريرك اغناطيوس يوسف الثالث يونان، رهبان وراهبات، مخاتير ورؤساء جمعيات ، شخصيات دينية وسياسية وحشد من المدعويين.
استهل الحفل بالنشيد الوطني ثم كلمة ترحيب وتعريف من سامر غريب تبعها كلمة المركز الاعلامي القاها الاسقف غريغوريوس خوري قال فيها” لا يهم ان نصل باعلامنا الى اقاصي الارض فحسب، فالاقمار الصناعية تفعل هذا، والتكنولوجيا الرقمية تمسح العالم وتتجاوز ذلك للوصول الى ادق تفاصيل حياتنا، وانما جوهر غايتنا الاعلامية ان نلامس الاخر في كل مكان بمحبة المسيح.”
واضاف” بتنا يا احبة في زمن ضاع فيه المعنى وبقي الشكل حاضرا ماثلا محاصرا بالانا العظمى، غارقا في شهوة هذا البهاء الدهري الزائل، زمن تمجيد الاشياء واحتقار الانسان، زمن صناعة الصورة وتاليه الاوثان. وغيب الله في عتمة هذا الفراغ الكبير”.
واشار الى ان” بعض الاعلام لم يزل يعبث، ويثقف ويدبلج، ويؤسس لوعي غريزي عديم الرؤيا، ينمو بعيدا عن الله نحو عوالم الابهار والانوار المزيفة، انها الكذبة الكبيرة”.
ووصف هذه اللحظات ب” التاريخية من عمر الزمان لنشهد انطلاقة المركز الانطاكي الارثوذكسي للاعلام، صرختنا.. لا لنسمع ازيز الرصاص في شرقنا الحزين المتالم.. بل لنحمل على اثير الموسيقى والصوت النقي الى زمن ملكوتي، يعانق اصوات الملائكة.. لا لنستنشق رائحة البارود القاتل في بلادنا،.. نحن هنا لنخاطب الاخر بالمحبة التي هي قدرنا ولغتنا وهي نبضنا وقوتنا وخيارنا.
لنخبر الكون بان المسيحي المشرقي متجذر في ايمانه وديع وشجاع بمحبته وغالب بالمسيح الغالب.. لقد اراد صاحب الغبطة واباء المجمع هذا المركز كلمة الانجيل الحية فينا، وصوت صارخ في البرية لكل الامم.”
وختم متوجها لغبطة البطريرك بالقول نحن مدعوون لنكون نسورا تحلق في سماء الكلمة المتجسدة، فهذه هي دينونتنا ومسؤوليتنا في اطلاق هذا المركز الاعلامي كما اردتموه. ابعد من هذا العالم.. شعارا نطلقه”.
والقى وزير الاعلام رمزي جريج كلمة عبر فيها عن سعادته بمخاطبة الحضور من البلمند” هذه التلة الجميلة التي تحتل حيزا كبيرا في وجداننا الوطني، وتختزن ديرا وجامعة ومقرا بطريركيا، كل امجاد انطاكية وتألقها الروحي والحضاري.”
مشيرا الى ان” مسيرة الصروح البلمندية، القديمة منها والجديدة، تختصر في رسوخها وانطلاقها آفاق هذه الارض التي فيها اولا دعي التلاميذ مسيحيين، منذ ما يقارب الالفي سنة. ولانه لا يوقد سراج ويوضع تحت المكيال، لقد كان ينبغي للنور البلمندي ان يضيئ لجميع الذين في البيت، قياما بدور الكنيسة في اداء رسالتها الهادفة الى ان يعم الخلاص للناس اجمعين. وهي اصلا لم توفر جهدا في نقل البشارة الى المسكونة كلها، انطلاقا من هذه الارض المشرقية، شاهدة حتى الدم لايمانها، ومقيمة في الوقت نفسه جسور تواصل ومحبة مع غيرها من الاديان السماوية. وان اختطاف المطرانين الجليلين دليل مؤلم على معاناة كنيستنا وايمانها، رغم ذلك، بالايخاء والعيش معا.”
وراى ان” اطلاق العمل بالمركز الارثوذكسي الانطاكي للاعلام هو انجاز جديد يضاف الى الانجازات المتعددة التي شهدها الكرسي الانطاكي خلال العقود الاخيرة، والتي باتت تشكل شواهد اساسية على فاعلية الحضور المسيحي في الشرق. ومن هذه الانجازات مركز الدراسات المسيحية الاسلامية في جامعة البلمند، الذي اسسه المثلث الرحمات البطريرك اغناطيوس الرابع، ليكون مساحة حوار بين هاتين الديانتين، ومجالا للشراكة القائمة بين ابنائهما، باعتبار انهم، في ظل هذه الشراكة، عاشوا معا خمسة عشر قرنا، وسيبقون هكذا، ولن يستطيع احد تشويه ماضيهم وتدمير مستقبلهم، لان الشر مهما امتلك من ادوات لفتل الجسد، فهو عاجز عن ان يخمد الروح او ان يطفئ النور”.
واعتبر المركز الاعلامي” تتويج للحركة الثقافية النشيطة في البلمند، وتحقيق للعهد الذي اعلنه البطريرك اليازجي في رسالة تنصيبه، وتأكيد لالتزام الكنيسة بقضايا الانسان والمجتمع واقتناعها بدور الاعلام، بكل وسائله، في نشر العقيدة المسيحية وتعميم القيم الاخلاقية المستمدة منها. وهو في الوقت عينه، ماحة للحوار بين ممثلي هذه الديانات، التي يتشارك ابناؤها في العيش معا وفي مواجهة المشاكل الانسانية والاجتماعية ذاتها”.
واشار الى ان” استعمال تكنولوجيا الاتصالات المعاصرة اصبح شرطا لازما وضروريا من اجل مخاطبة الاجيال الطالعة وتقريب الفكر الكنسي اليهم.” ونوه ب”الراحل الكبير غسان تويني الذي دعا من على هذا المنبر الى تجاوز الخوف، واعلن بثقة المؤمن ان بعد كل زمن رديء يجيئ زمن غفران وتصافح وتبادل محلة”.
وقال” لكم نتذكر مقالاته اليوم، ومؤسساتنا الدستورية معطلة بسبب استمرار شغور رئاسة الجمهورية منذ اكثر من سنة، وهو امر تدينه جميع القيادات المسيحية والاسلامية، معبرة في ذلك عن موقف وطني جامع”.
واشاد بموقف البطريرك اليازجي الاخير في المؤتمر الصحفي برفضه الفدرالية في لبنان وكل اشكال الدول الطائفية او المذهبية، وتأييده قيام دولة واحدة جامعة، وتمسكه بثوابت العيش المشترك.
واعلن عن دعوته لدى تسلمه مهامه الوزارية الى تسمية الوزارة بوزارة الحريات الاعلامية. رغم انه في محطات كثيرة دعا المؤسسات الاعلامية الى ممارسة رقابة ذاتية على ادائها لتبقى تحت سقف القانون وملتزمة باخلاقيات المهنة. اذ “لا يجوز ان تكون الحرية بابا الى الفوضى، كما لا يجوز ان يسخر القانون لقمع الحرية”.
وفي الختام وجه تحية تقدير واحترام للبطريرك اليازجي المؤتمن في هذه الظروف العصيبة على كل تراث الكرسي الانطاكي وعلى الوزنات التي سلمها اليه السيد المسيح فثمرها واغناها بكل ما اوتي من حكمة واقدام”.
وطلب البطريرك اليازجي في مستهل كلمته الوقوف دقيقة صمت عن روح المثلث الرحمات كاثوليكوس كيليكيا للارمن الكاثوليك نرسيس بدروس التاسع عشر.
ثم شدد على ان” انطاكيا الروح رسالة تواصل، وانجيلها رسالة لقيا. وهي اليوم اذ تفتتح المركز الانطاكي الارثوذكسي للاعلام تستظل بفيئ انجيل ربها الذي مشح المسكونة بنوره ومشح قلوب الانطاكيين باسمه القدوس، فخرجوا الى الدنيا وقدموا اليها ذخر ذخائرهم ربا محبا ويسوعا مخلصا.”
واشار الى ان مقولة رسالة كنيسة انطاكيا رسالة تواصل ورسالة لقيا برهنها، منذ حوالي الفي عام، القديس لوقا الانجيلي الانطاكي. بحيث “توسل الحرف ليخبر محب الله ثيوفيلوس وعبره كل محبي الله عن الامور المتيقنة عنده والتي خطها انجيلا، بشارة حسنة لكل المسكونة. فكانت البشارة المكتوبة.”
وتابع” وقبل الف وثلاثمائة عام جاءنا الدمشقي يوحنا ابن كنيسة انطاكية فرسخ وتوسل الصورة، اي الايقونة، لتكون معينة الحرف للولوج الى قلوب الناظرين ولينظر منها الى عالم القداسة عبر اللون والظل ويظلل به العالم المنظور، فتثبتت البشارة المنظورة”.
واضاف” واليوم تنطلق انطاكية في رسالتها الاعلامية لتلاقي حرف مار لوقا والايقونة العزيزة على قلب الدمشقي وعلى قلوبنا، تنطلق لتقول للعالم ان رسالتها هي بشرى العالم بالفرح وان اعلامها مستقى من كنه وجودها، اذ هي كنيسة البشرى الحسنة وكنيسة لقيا القلوب على مزود المحبة.”
وتوجه بالشكر العميق” لكل من تعب ليخرج هذا المركز الى النور”. وشكر” الاخوة في كورال الكنارة الروحية واوركسترا اورفيوس الذين سيتحفون مسامعنا باصداء لغة الملائكة”.
وختم بالقول” قبل الفي عام توسلنا الحرف ومن ثم الايقونة، واليوم نخوض عباب المرئي والمسموع. ونحن لا نهاب العباب لان شراعنا يسوع المسيح، ومجدافنا شفاعة العذراء القائدة شفيعة هذه التلة البلمندية المباركة. التي نسالها ان تحفظكم جميعا وتديم عليكم وعلينا وعلى لبنان وعلى سوريا وعلى هذا المشرق والعالم مراحم ابنها له المجد الى الابد امين.”
واكب الحفل كورال الكنارة الروحية واوركسترا اورفيوس. كما تخلله عرض فيلم وثائقي من وحي المناسبة. وكان كوكتيل.
الكورة – فاديا دعبول