الأحد الواحد والعشرون بعد العنصرة – الصلاة في حياة الكاهن
كلمة الراعي:
الصلاة في حياة الكاهن
لا بد انه لفت انتباهنا في مقررات دورة المجمع المقدس الانطاكي الاخيرة حرص غبطة ابينا البطريرك اغناطيوس الرابع وآباء المجمع ان يؤكدوا ضرورة الصلاة والتأمل في حياة خدام المذبح المقدس.
بادىء ذي بدء كان القداس الالهي الذي باشر المجمع المقدس اعماله انطلاقاً منه ونهاية المطاف كان القداس الالهي الاحتفالي برئاسة صاحب الغبطة البطريرك اغناطيوس الرابع الكلي الطهر والجزيل الاحترام يعاونه فيه لفيف من السادة اعضاء المجمع المقدس والاخوة الاساقفة والكهنة المكرمين والشمامسة الوقرين، وقد الح الآباء بهذا الشكل ان تحتضن الذبيحة الالهية اعمال المجمع المقدس لكي يؤدي فعلاً الى غايته المنشود لمنفعتنا وخدمة المؤمنين خدمة مقدسة، هذا بالطبع يضاف الى احاطتنا اثناء انعقاد المجمع المقدس بالانجيل المقدس الذي منه تنبع قداسة لقاءاتنا.
ولابد ايضاً انه لفت انتباه الاحباء انه تقرر في هذه الدورة المجمعية المقدسة اقامة رياضات روحية (خلوة روحية) يشترك فيها اعضاء المجمع المقدس واشير امكانية عقد هذه الاعمال المفيدة جداً في ابتداء كل دورة فيخصص لها يومان مثلاً ثم تبتدىء الابحاث المدرجة على جدول الاعمال هذا بالاضافة الى الرياضات الروحية التي تقام دورياً في كل ابرشية ويشترك فيها كهنة وشمامسة الابرشية.
هذا التشديد يتناول نقطة مهمة جداً كثيراً ما نجرَّب ان ننساها باسم عملنا الذي لا يبدو لنا انه يترك لنا مجالاً لذلك ولابد اننا صادقون تماماً اذا قلنا ان العمل المعني هو العمل الذي انتُدِبنا للقيام به. هذا صحيح ولا نكذب البتة اذا قلناه…
انما هل نعي اننا لايمكننا ان نقوم بأي عمل مستمر في خدمتنا الا اذا اسّسنا حياتنا على الاوحد الذي حاجتنا اليه!
الاّ نذكر في الانجيل المقدس كيف ان الرب يسوع انفرد ليصلي قبل ان يواجه الانواء التي كانت تهدد سفينة تلاميذه بالغرق لكي يأتي اليهم ماشياً على الماء خارقاً نظام الطبيعة ويقول لهم: “لا تخافوا اني انا هو”؟. وهكذا جعل ربنا نفسه وكأنه بحاجة ان يصلي لكي ينقذ تلاميذه من شدائد البحر وبالحري ابدى حاجته الفعلية الى الصلاة، هو الذي صار شبيهاً لاخوته في كل شيء لكيما اذا جُرِّب يستطيع ان يعين الذين ابتلوا جميعاً بالتجارب أي نحن. فالقدوس الذي بكلمة يأمر البحر ان يهدأ علمنا بصلاته كيف نواجه انواء هذا العالم وننتصر عليها وننعم بسلام الرب الذي لايستطيع احد ان ينزعه منا.
في كثير من الاحيان تغمرنا الاعمال “الكنسية” كما كانت مرتا تهتم بأمور كثيرة لتستقبل السيد باكرام يليق به حقاً، اما مريم اختها فجلست عند اقدام يسوع تسمع كلامه، لا تُفَكِّرَنَّ ان موقفها هذا كان استعفاء من الخدمة، بالعكس تماماً كان استعداداً لتأخذ قوة فتخدم بنشاط اكبرذاك الذي اكد لنا ان قوته تكمل في ضعفنا ولذلك لن يدعنا نرزَح تحت احمال خدمتنا الكنسية وهي ثقيلة جداً في كثير من الاحيان بل يحمل معنا فتخف احمالنا بنعمته. ولنتأكد اننا اذا مررنا في قنوط ويأس وهذا يحدث كثيراً في خدمتنا للاخوة اذ ان البعد البشري لا بد الاّ وان يتأثر بثقل الاحمال ويشعر بها، ولكن صلاتنا تجعلنا نرتمي في كنف ذاك الذي قال لنا: “انه يريحنا من ثقل احمالنا اذا ما لجأنا اليه” مؤكدا لنا نحن الذين نحمل نيره ان نيره هين وحمله خفيف.
هكذا تصبح الصلاة راحة لخدام المذبح ومولداً روحياً لقوة جديدة تدفعنا الى الامام في خدمة ذاك الذي في صلاته الى ابيه ذكرنا نحن جميع الذين دعينا ان نخدم كلمته الالهية في نفوس من سلمهم الينا لكي نقف امامه نؤدي الوديعة سالمة بين يديه. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 45 – في 5/11/1995