عندما يضيء النور، القلوب – المطران باسيليوس (منصور)

mjoa Monday September 21, 2015 128

عندما يضيء النور، القلوب – المطران باسيليوس (منصور)

سطور من كلمة صاحب السيادة المتروبوليت باسيليوس منصور في مؤتمر الحوار في أثينا في 3/9/2015
باسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين.
أيها السادة،
إننا نعيش في بلادنا في مؤتمر حوارٍ دائم، ولذلك سأتحدث عن خبرتي الشخصية التي عشتها وأنا شاب يافع، فإن مفردات “تعايش” و”عيش مشترك” لم نكن نسمع بها، وقد دخلت إلينا من خلال رجال الدين مسيحيين ومسلمين الذين تعلموا الحرف واكتفوا به، لم نكن نعرف كلمة “تعايش” و”عيش مشترك” كنا نعيش كمواطنين، وكنا نعيش معاً معنى الإيمان بالله الواحد الرحمن الرحيم.

المطران-باسيليوس-منصور-340x330أنا من قرية سكانها مختلطون، ما كنا نعرف مفردات “التعايش” و”العيش المشترك” إلا عند وقوع الحرب في لبنان. لماذا؟ لأننا كنا نؤمن بالله الواحد. كنا نعيش في الحقول، في الأعياد، في البيادر، كلّ شيء شفّاف وطبيعي، نحزن لأحزان بعضنا، ونفرح لفرح بعضنا، وعندما تدخل الغرباء من شرقيين وغربيين تحوّلت هذه المفاهيم الجميلة الى إدارة لتخريب مجتمعاتنا وبلادنا، وتمسكوا بالحرف الذي يقتل وتركوا الروح التي تحيي وتجمع، وهنا يحضرني قول مرافقي الى هذا المؤتمر الأب نايف اسطفان “النفوس قبل النصوص” فعلينا أن نستقي منها ومن خلالها بعدما شوهته تيارات التعصب.
الإنسان لا يهتم كثيراً بحياته الروحية ، يهتمون بحياتهم الشخصية. وكما قال سماحة الإمام علي الأمين “أن يُصار الى إصدار كتاب أخلاقي بدل الكتب الدينية لأن الكتب الدينية قد تقع بأيدي جهلاء لا يفقهون بها”.
يقول ابن جُبير عندما جاء الى جبال لبنان “انه اندهش كيف أن المسيحيين يهتمون بزهّاد المسلمين كاهتمامهم بزهّاد النصارى ورهبانهم”.
نطلب من رجال الدين التخفيف من تفسير بعض العبارات التي وردت في ظروف الحرب. أدعو أن نتعرّف على بعضنا البعض في ظروف السلام بعد أن تعادى اللاهوت وعلم الكلام في ظروف الحروب القائمة بين الشرق والغرب؛ ومطالبة العالم الإسلامي بالتعامل مع المسيحيين في الشرق على أساس كلِّ كامل، ويشكلون مؤسسات ذات إرادة إستقلال، ولا يُتعامل معهم على أساس أنهم من بقايا الصليبيين أو جزء من المسيحية الغربية.
أذكر هنا ما قاله البطريرك المسكوني “أثيناغوراس” “انه يتمنى أن يذهب كل اللاهوتيين وعلماء الدين الى جزيرةٍ معزولة تؤمّن لهم فيها كل احتياجاتهم ويتركوا الناس تعيش في أمن وسلام دون هذا الشحن الذي يسمّم حياة الناس”.
نحذّر ممّن يسعى الى إغراء الناس بالمال وغيره لبيع أرزاقهم وترك قراهم، وذلك لأنهم من ذوي النفوس الضيقة. لأنه من المهم أن نركّز على الوجود المشترك في الجغرافيا والديمغرافيا فنحن عائلة واحدة مسلمين ومسيحيين.
كنت في سوريا ولبنان، كنا كرجال دين نتحادث مع بعضنا البعض بمحبة، جاء الإستعمار ليزرع بيننا بذور الفتنة والحروب على أساس ديني.
نحن العرب عندنا الأشهر الحُرُم التي حُرِّم فيها القتال، جاء الإستعمار الذي لا يعرف بروح الله، ولم يقرأ كُتُبَهُ وأراد أن يعمل عكس ما جاء فيها.
تعلّمنا في المدارس أن المسيحيين والمسلمين والموسويين إخوة في المواطَنَة التي هدمتها مُخططات الصهيونية الإستعمارية.
وأختم بخبرة شخصية حيث قمت بالإفتاء في عكار في محفل ضمّ سماحة مفتي عكار زيد بكار زكريا، وفضيلة الشيخ الدكتور مالك جُدَيدة رئيس دائرة الأوقاف فيها حول جواز الجمع بين صلاة المغرب والعشاء، وهذا ليس جديداً على عكار، حيث أن أحد أسلافي المطران باسيليوس الدبس، كان يُفتي للمسلمين الذين يصعب وصولهم الى بيت الحاج في عكار هذه البلدة التي تقطنها عائلة “الكيلاني”، والتي تولّت سدَّة الإفتاء على مدى قرنٍ ونصف، كان المسيحييون يقصدوهم للفتاوى وهذا ما يظهر جلياً في سجلات دار الإفتاء في عكار.
آمل أن ينجح هذا المؤتمر، ويخرج بتوصيات تنعكس على مجتمعاتنا بالخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشرة البشارة

20 أيلول 2015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share