الاستعداد للميلاد – المطران بولس (بندلي)

mjoa Wednesday October 28, 2015 178

الاستعداد للميلاد – المطران بولس (بندلي)
“فافرحي أيتها المسكونة اذا سمعتِ”
اننا قادمون الى عيد التنازل الالهي الذي لا يوصف،
 الله يأتي الينا نحن الغارقون في الحزن الذي سبّبته لنا الخطيئة اذ أبعدتنا عن مصدر فرحنا الحقيقي الأوحد،
المسكونة جمعاء أُدخلت الى ديجور حزن لا يُطاق لأن خليقة بأسرها تئن وتتوجع بسبب نفيها عن عنصر ابتهاجها اذ أصبحت تتخبط في قنوط جعلها تقارب اليأس.

واذا بملاك الرب يظهر للمتلئة نعمة ليقول لها “افرحي”! وعبر العذراء الكلية القداسة يقول للمسكونة جمعاء “افرحي”! افرحي أيتها المسكونة اذا سمعتِ أو بالحري اذا عرفتِ أن تميّزي بين قهقهة الضحك الصاخب والسخرية التي تملأ العالم وبين الابتسامة المرتسمة على شفتين تُجَسِّد فرحاً داخلياً يكاد لا يلفت الأنظار مع أنه الفرح المنير والدائم الذي قال عنه فيما بعد. وقبل آلامه الخلاصية، الابن الالهي المولود من العذراء انه الفرح الثابت فينا والذي “لا يستطيع أحد أن ينزعه منا”.
أيها الاحباء المسكونة مدعوة ان تسمع الصوت الالهي فإذا سمعت أمتلأت حبوراً، أما نحن فهل نحاول أن نسمع الصوت يقول لنا “افرحوا”.
في طريقنا الى الميلاد الالهي حيث “السماء” تنسكب على “أرضنا” فتملأها فرحاً، هل نقبل استعداداً يختلف عما اعتاد عالمنا أن يستعد به؟
هل نحن مستعدون أن نرفض الغبطة الخارجية لكي نتوغل الى داخلنا ونطلب لقلوبنا الفرح الأصيل؟
هل نحن مستعدون أن نرفض التطلع الى واجهات برّاقة تنطفئ أضواؤها بعد حين فتدفعنا الى ظلمة دامسة، لنقبل بالنظر الى من وحّد الطفل الالهي نفسه بهم؟
هل نحن مستعدون أن نتخلى عن بهجة هذا العالم، ولا بد الاّ وأن يكلفنا هذا التخلي غالياً، لكي نستقبل، بفرح صامت ولكنه صامد، الاله الذي أخلى نفسه آخذاً صورة عبوديتنا لكي يعتقنا منها؟
هل نحن مستعدون أن نستقبل السيد الآتي الينا فقيراً جائعاً ونتخلى عن تخمة طعام كثيراً ما تنزع منا الفرح المتجذّر بالرب؟
هل نحن نقبل بفرح المجوس الذين قادهم النجم الى الموضع الذي كان الصبي الالهي فيه، فبعد أن واجهوا سخرية الملك الأرضي الهازئ، فرحوا فرحاً عظيماً بالنجم الذي عاود فقادهم الى الملك الالهي الذي كان مبتغى رحلتهم الطويلة فلم تحرم قلوبهم النقية من أن تتعزى بالفرح الحقيقي النابع من مكان حقير، لكنه مشع -مكان ولادة السيد الفادي! الحمل والراعي معاً.
أهلنا أيها الرب القدوس أن نسمع صوتك الالهي العذب حتى اذا ما سمعناه لا نضل الطريق ونأتي نحو مذودك بقلوب نقية ساجدين لتنازلك العظيم ومتوسلين أن تمنحنا فرحك الذي لا يستطيع أحد أن ينزعه منا. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس

نشرة البشارة
العدد 49 – في 8 كانون الأول 1996
الأحـــد السابع والعشرون بعد العنصرة

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share