الكنيسة جماعة مُصَلّية – المطران بولس (بندلي)
في ذلك الوقت مدّ هيرودس الملك يديه ليسيء الى أناس من الكنيسة فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف واذ رأى أن ذلك يرضي اليهود عاد فقبض على بطرس أيضاً وكانت أيام الفطر… (أعمال 1:12-3).
فكان بطرس محروساً في السجن. وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة الى الله من أجله (أعمال5:12).
فهمت الكنيسة أي جماعة المؤمنين أنه لا بد لها الاّ وأن تفعل شيئاً لبطرس الرسول -لم تتظاهر، لم تهجم على السجن لكي تنزع منه بطرس بالقوة البشرية، قامت بشيء واحد لم تقم بغيره، أخذت تصلي، فاستجاب الله فوراً وأرسل ملاكه الذي فكّ قيود بطرس وأطلقه وهو لا يصدق أنه تحرر من طغيان هيرودس الاّ عندما فارقه الملاك فرجع الى نفسه وقال: “الآن علمت ان الرب أرسل ملاكه وأنقذني من يد هيرودس ومن كل انتظار شعب اليهود” (أعمال11:12). ثم جاء وهو منتبه الى بيت أم يوحنا الملقب مرقس (وهو الإنجيلي نفسه) حيث كان كثيرون مجتمعين وهم يصلون (أعمال 12:12).
هذه الصلاة تقبلها الله فأرسل ملاكه وأخرج بطرس من سجنه اذاً هذه الصلاة كانت فعّالة واستجاب الرب.
أيها الأحباء كنيستنا كنيسة يصلي الناس فيها من أجل كل احتياجاتهم واحتياجات العالم أجمع -الا ترتفع الصلوات من أجل سلام العالم كله ومن أجل ثبات كنائس الله المقدسة ومن أجل اتحاد الجميع مع بعضهم البعض كأبناء لله الواحد ومن أجل حكام البلد ومؤازرتهم في كل عمل صالح، من أجل السائرين في البحر والبر والجو والمرضى والأسرى…
هل هذا خطأ كما يزعم أصحاب البدع الذين نسوا ان يفتحوا سفر أعمال الرسل في اصحاحه الثاني الآية 42 حيث يوصَف المسيحيون الأولون كمواظبين على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات” نسوا هذا فاتهموا الكنيسة المقدسة المفتداة بالدم الالهي أنها تشذّ عن خطِّها القويم عندما تصلي.
هل أخطأت الكنيسة عندما تتذكر قول الرسول بولس الى أهل فيليبي “لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله” (فيليبي 6:4).
وهل ننسى ما ورد على لسان يعقوب أخي الرب: “أعلى أحد بينكم مشقات فليصلي، أمسرور أحد فليرتل، أمريض أحد بينكم فليدع كهنة الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب -وصلاة الايمان تشفي المريض والرب يقيمه وان كان قد فعل خطية تُغفر له- اعترفوا بعضكم لبعض بالزلات وصلوا بعضكم لأجل بعض لكي تشفوا” (يعقوب 13:5-16) ثم يتابع فيذكر كيف أنَّ ايليا الذي كان تحت الآلام مثلنا وصلّى صلاة أن لا تمطر فلم تمطر مدة ثلاث سنين وستة أشهر ثم صلّى أيضاً فأعطت السماء مطراً وأخرجت الأرض ثمرها (يعقوب 17:5-18).
هل ننسى صلاة بطرس من أجل طابيثا المائتة، فأقامها الرب من أجل هذه الصلاة (أعمال 40:9).
لا يضلّنا أحد -أن تعليم الكنيسة عن الصلاة الدائمة والتي يستجيبها الله من أجل تحننه علينا- ألم يقل المزمور الشريف “في أي يوم أدعوك تستجيب لي سريعاً”.
أليس هذا الكلام الالهي موجهاً من الله لتعزيتنا وتثبيت ايماننا فيه -ألم يقل لنا ان ندعوه أباً في صلاتنا واضعين رجاءنا عليه- هل نهمل صلاتنا من أجل أحبائنا الذين رقدوا في الرب وقد أسلمناهم الى رحمته العظيمة، هم معنا أحياء في الرب وفي كنيسته الظافرة، هل كان آباؤنا لا يفهمون عندما كانوا يقدمون القداديس من أجل راحة نفوس موتاهم مؤكدين بصلاتهم المرتفعة بقلوب نقية أنهم يؤمنون أن الاحباء الراقدين انتقلوا كما يؤكد الرب يسوع من “الموت الى الحياة”. أفلا نتضرع من أجلهم أمام عرش حمل الله الذبيح الذي نجتمع حوله هم ونحن في كل قداس الهي فيتقبل خبزنا وخمرنا اللذين يحولهما بروحه القدوس الى جسده الطاهر ودمه الكريم ويحولنا هذا الروح لكي نتقبلهما بقلوب نقية.
وتجمعنا نعمة هذا الروح عينه حول الحمل القدوس بالأحباء المنتقلين حيث أننا معهم نؤلف كنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية يغذيها هو بنعمته.
لذلك نصلي من أجل أمواتنا وهم يصلون من أجلنا في كل قداس الهي -هذه هي عقيدة كنيستنا وبها نجاهر ونتمسك والرب هو الذي يعطي قوة لكل صلاة يتقبلها على مذبحه السماوي العقلي لرائحة ذكية روحية فيرسل لنا ولهم عوضها النعمة الالهية وموهبة الروح القدس. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+بولس
نشرة البشارة
العدد 3 – في 21/1/1996
العشرة البرص