“ كونوا رحماء كما أنَّ أباكم السماوي رحيم” – المطران بولس (بندلي)
كلمة الراعي
“ كونوا رحماء كما
أنَّ أباكم السماوي رحيم”
عيَّدنا أمس للقديس بندلايمون واسمه يعني باليوناني “الراحم الجميع” وكان من فئة من القديسين نسميهم الأطباء العادمي الفضة الذين تعلموا الطب فأخذوا يمارسونه مجاناً عملاً بتوصية السيد لتلاميذه: “مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا”.
وعلاوة على ذلك كانت ممارسة المحبة هذه تشمل الجميع دون استثناء تشبهاً بالاله الذي يشرق شمسه على الجميع ويرسل مطره على أراضي الجميع دون استثناء.
الرحمة ليست عملاً استثنائياً -لا ايمان حقيقي بالاله الرحيم اذا لم نُدخل في صميمنا خطة رحمته التي لا تصنِّف خلافاً لذهنية العالم حيث نعيش والذي يقسم الناس الى فئة يمكنها أن تستفيد من رحمتنا لأننا ننتظر منها شيئاً مقابلاً وفئة ينبغي ان تبقى خارج حقل رحمتنا لأننا لا نرجو منها تبادلاً -ولذلك نرحم أناساً وآخرون لا يدخلون في نطاق رحمتنا-هذا أمر مرفوض أساساً عند الذين يؤمنون بالرب الرحيم والذين يتوجهون اليه باستمرار قائلين بل صارخين: “يا رب ارحم” ولذا أكد الرب علينا أن نكون رحماء في خط رحمته والاّ أصبحت رحمتنا بمنزلة صفقة تجارية والله غريب عنها كلياً وتصبح كأنها غير موجودة لأنها غير أصيلة ودون أساس يمكنها تستمر وتعطي ثمارها.
الرحمة التي تصنّف الناس ليست رحمة لأنها ليست من الله.
الرحمة التي لا تشمل “كل” انسان تضعه العناية الالهية في طريقنا ليست من الله.
الرحمة التي تشترط رحمة تقابلها هي تجارة ولا يجوز ان تصنّف في خط الرحمة الالهية.
أيها الأحباء، ان الهنا اله الرحمة والخلاص ولن يعرف بين الناس الاّ عبر رحمته التي علينا ان نسعى ان نجسدها مع كل ضعفنا البشري ومع تجربة القوقعة التي نتعرض اليها واذا كنا نشكو كثيراً بأن الله غير معروف كفاية ويجرب الناس كثيراً ان ينسوه ليتعلقوا بآلهة كاذبة مهما كان نوعها، فلنقم بامتحان قلب نفحص ذواتنا بواسطته ولنكن صادقين لنقول لأنفسنا: هل أحاول أن أكون رحيماً كما أن أبي السماوي رحيم، هل احاول ان أجسد هذه الرحمة تجاه الذين لا يرحمونني وأقول بالتالي للسيد ما علمني هو أن أقوله: “واترك لي، برحمتك، ما علي واجعلني ان أمتثل بك لأترك للآخرين “كما” انت تفعل معي وتترك لي ذنوبي وآثامي.
أهلنا يا رب أن أكون لرحمتك تلميذاً فأكون شاهداً لك فأصرخ اليك مع البشر أجمعين ارحمنا يا رب كعظيم رحمتك، ارحمنا يا رب لأننا متحيرون عن كل جواب، ارحمنا يا رب لأننا عليك اتكلنا فلا تسخط علينا جداً ولا تذكرنا آثامنا الكثيرة لأنك انت الهنا ونحن شعبك وكلنا صنع يديك وباسمك ندعى. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
نشرة البشارة
العدد 30 – في 28 تمـّـــوز 1996
الأحـــد الثامن بعد العنصرة