ميخائيل رئيس الملائكة – المطران جورج (خضر)
تقيم الكنيسة اليوم تذكارا لقديس غير منظور هو الملاك ميخائيل، وقد مثّلته الأيقونات كائنًا مجنّحًا لتشير إلى سرعة خدمته لله، وتدلّ أنه كالطائر يحلّق فوق العالم في خدمة الرب الذي أَرسل ملائكته لخدمتنا وحراستنا. وقد فوّض الله إليه أمر الكائنات والكواكب والنبات والحيوان وبنوع خاص أمر الإنسان الذي نؤمن أن له ملاكًا يحرسه في نضاله في العالم وفي الحوادث التي يتعرّض لها.
في عيد الملائكة، علينا أن نقدّم شهادة، أن نقول للذين يؤمنون بالمادة فقط أن هناك كائنات غير منظورة، وأن الجسد ليس كل شيء، العيون والآذان والأيدي والأرجل ليست كل شيء في الحياة، فهناك مخلوقات ليس لها أجساد ولكنّها قائمة أمام الله هو أهمّ من المحسوس والمسموع والمنظور، انها قائمة في الصلاة أمام الله، وكأن الإنسان يجيء إلى العالم من الصلاة، فإذا هو ترسخ فيها، واستقى من ربّه قوّة بها، فإنّه يأتي إلى العالم ويتحرّك فيه بدافع من صلاته.
نحن قادرون على الصلاة إن آمنّا أنها أقوى من أي شيء آخر. ولكن إن ظننا انها تُقام في أوقات الفراغ فقط، إن خصّصنا لها ساعة في الآحاد فهذا ليس بشيء. الصلاة ليست كابوسا ملقى علينا أو نيرا موضوعا على أكتافنا حتى نتخلّص منها بنصف ساعة في الآحاد ونحسب أننا قمنا بواجب مفروض. الصلاة ليست واجبًا مفروضًـا. انها الحياة والنفحة والروح.
فمن اعتبر الدعاء قوة إلهية في نفسه ونورًا يشعّ من ذاته، مَن اعتبر الدعاء محرّكا يحرّك به نفسه والعالم، فهذا يصلّي في سرّه وعلانية، في بيته وفي الكنيسة، في الشارع وفي كل مكان. انه يصلّي في كل حين. القلب المحبّ لله يُحدّث الحبيب. اللسان ينطق من فضلة القلب. مَن صلّى بحقّ فقلبه مليء من حضرة الله، ومن لا يصلّي فلا إله له يؤمن به ويريد أن يتحدّث اليه. من يصلّي فهو شبيه بالملائكة الحاضرين دومًا أمام ربّهم.
الصلاة التي تجعلنا ملائكة هي آخر دواء للعالم الضاجّ. نسمع ضجيجا هنا وهناك. العالم كله ضجيج وسرعة وثرثرة. العالم يتقلّب ويقهر الإنسان الغاضب والمشنّج والتعِب. تبقى الصلاة آخر دواء في هذا العالم المجنون. الله هو الذي يعطي الانسان الهدوء.
متى أدركنا ذلك نتابع الصلاة وسط الضجيج، فلا يسحقنا العالم ولا نتيه، بل نبقى شبيهين بالملائكة، حاضرين دومًا أمام الله، ملازمين سلامه وهدوءه، مقيمين في قداسته.
جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
نشرة رعيتي
08 تشرين الثاني 2015