الأيقونة العربية.. في أثينا

mjoa Saturday November 14, 2015 166

iconsالأيقونة العربية.. في أثينا
حاضرت ابنة طرابلس، الكاتبة ايما غريب خوري، في جامعة أثينا عن فنّ الأيقونة في البطريركية الانطاكية الأرثوذوكسية بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر.
التقت «السفير» بخوري في أثينا، فتحدّثت عن فنّ الأيقونة الانطاكية، كاشفةً أسرار الأيقونة العربيّة ومكان وجودها في دير سيدة كفتون في الكورة. وذكرت أنَّه لا يمكن الحديث عن رسم للأيقونات قبل القرن السابع عشر، مع ظهور فنّ مدرسة الأيقونات الحلبيّة التي أسّستها عائلة الخوري يوسف المصوّر الذي ولد في مدينة حلب منتصف القرن السابع عشر، ومن بعده ابنه القس نعمة الله المصوّر، وحفيده الشماس حنانيا المصوّر، وابن حفيده الشماس جرجس المصوّر.
ونقل رسّام الأيقونات ميشال بوليخورنيس أسرار المدرسة الكريتية عبر رسومه في كنيسة مار نقولا في طرابلس (1809)، والتي تحتوي على 120 أيقونة، وفي كنيسة مار جاورجيوس والمشيَّد في 1862 بفرمان من السلطان العثماني.
وتضيف أنَّه، بحسب ما ورد في مذكرات جدّها عبد الله غريب، فقد عاش الرسّام في طرابلس بين العامين 1809 و1821، وترك إرثاً قيماً من الأيقونات. وبفضله، رُسمت أهمّ الأيقونات في البطريركية الانطاكية، ولا سيما تلك الموجودة على ايقونسطاس كنيسة معلولا.
كما نقل الرسّام حنّا قدسي فنّ المدرسة المقدسيّة إلى كنيسة انطاكيا، وكان يوقع على الشكل التالي: «أنا الرسّام الحقير»..
وتشير الأديبة الى أنَّ أهمّ مدارس الفنّ في البطريركية الانطاكية هي المدرسة الحلبيّة، وكذلك المقدسيّة المنتشرة أيقوناتها في أكثرية الكنائس والأديرة، لكنّها أهميتها الفنيّة أدنى من الحلبيّة، فيما أيقونات كنيسة مار نقولا شبيهة بالمدرسة الحلبية وهي من النوع الفني الممتاز، وكذلك توجد أيقونات قديمة جداً في كنيسة مار جاورجيوس الميناء.

وبمجيء الإمبراطورة الروسية كاترين الثانية في القرن السابع عشر، بدأ تراجع فنّ رسم الأيقونات – بعدما كان في الذروة – لأنَّها فضَّلت تقليد الأيقونات الإيطالية، وتغيّر ولم يعد أصيلاً كسابق عهده.
أهمّ وأندر أيقونة في البطريركية الأنطاكية، توجد في دير سيدة كفتون وتعود إلى القرن الثالث عشر، ولها مميّزات عديدة ومختلفة عن باقي الأيقونات التي تعبّر عن الظهور الإلهيّ. الأيقونة ذات وجهين: وجه عليه أيقونة لوالدة الإله، ووجه عليه أيقونة الظهور الإلهيّ. وترجع أهميّتها إلى وجود ثلاثة نصوص مكتوبة بثلاث لغات هي العربية والسريانية واليونانية، ويُسمّى هذا التراث: الأيقونة العربية.
وبالرغم من عدم وجود أيّ كتاب عن الأيقونة العربية، شدّدت الكاتبة على أنَّ رسامها مجهول، لأنّ الأيقونة في الأصل لا توقّع، وبدأ توقيعها في القرن التاسع عشر. وعلى سبيل المثال، فإنَّ أيقونة الثالوث المقدّس التي رسمها الروسي أندريه روبليف، غير موقّعة.
وذكرت خوري أنَّ التأثير اليوناني على الفنّ الانطاكي، كان واضح المعالم بسبب تواجد المطارنة والبطاركة اليونانيين في سدة السلطة الكنسية حتى العام 1850. وكان أهل حلب يقصدون الجبل المقدس «اثوس» والجزر اليونانية ومنها كريت، ناقلين في جعبتهم فنّ الأيقونات الذي لا يختلف نمطه عن نمط الفن الشرقي الانطاكي بسبب مصدر الكلمة الايقونوغرافية اليونانية، أي رسم الروايات المستوحاة من الانجيل.
وروت الكاتبة عن أول أيقونة للسيد المسيح، قائلةً إنَّ ملكاً اسمه «أبجر» في مدينة الرها، كان مصاباً بداء البرص، وسمع عن عجائب المسيح، فأرسل رساماً لكي يرسم صورته ويجلبها إليه.. ولما وصل إلى مكان تواجده، تعذَّر عليه الوصول والتحدّث إليه بسبب الازدحام، فصعد على حجر عالٍ، وراح يحدّق فيه مليّاً، وحاول أن يرسم صورة وجهه، لكنه لم يستطع لأنّه كان يلاحظ أن ملامح وجهه كانت تتبدَّل بسبب النور المتدفّق منه؛ وقد شعر السيد المسيح بأن الرسّام يودّ أن يرسمه، فطلب ماء وغسل وجهه وأخذ منديلاً ونشَّفه، وعلى هذا المنديل انطبعت ملامحه؛ ولذا تُدعى هذه الصورة بمنديليون، وهي كلمة يونانيّة مشتقّة من كلمة سامية هي منديل. ثم دفع المسيح بالمنديل إلى الرسام، فعندما تسلَّم الملك «أبجر» تلك الصورة شفي من مرضه. وهذه الأيقونة كانت أساس أيقونة «ضابط الكل».
وتذكر الكنيسة الشرقية أنَّ لوقا الانجيلي هو أوّل من رسم أيقونة والدة الإله العذراء في العام 60 ميلادي بعيد العنصرة (القيامة) وباركها.. ومن ثم توقّف رسم الأيقونات لثلاثة قرون بسبب اضطهاد المسيحيين الذين كانوا يرسمون على الجدران، وبدلاً من رسم المسيح كانوا يرسمون شكل السمكة وهو «Ιχθυς ـ اخسيس» باللغة اليونانية الذي ترمز أحرفه الثلاثة الأولى إلى «يسوع المسيح المخلّص».
وبعد تنصير الإمبراطور الروماني قسطنطين الكبير في القرن الثالث 313- 337 م، عادت الأيقونة إلى عهدها، لتتوقَّف في القرن السابع، بسبب حرب الأيقونات التي استمرت 120 عاماً، وتم خلالها تدمير وحرق الإرث الكنسي في مدينة القسطنطينية، فنجت فقط أيقونات دير السيدة كاترين الكائن في جنوب سيناء، بالقرب من جبل موسى.
وبعد الفتح العثماني للقسطنطينية انتقل الرسامون إلى اليونان وجزرها وروسيا التي اعتنقت الأرثوذكسية بفضل البطريركية الانطاكية في العام 1000، ومن ثم تراجع رسم الأيقونات في القرن السابع عشر في روسيا، وانتقل إلى المدرسة الحلبية.
وليد نسيب الياس
جريدة السفير
 2015-10-20

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share