فرع الميناء يكرّم المتقدم في الكهنة الأب غريغوريوس موسى

mjoa Tuesday December 15, 2015 146

7فرع الميناء يكرّم المتقدم في الكهنة الأب غريغوريوس موسى

“نحنا منحبك”، بهذه العبارة أراد أعضاء فرع الميناء في حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة التعبير عن محبّتهم وعُرفناهم بالجميل لِمَن بلغ يوبيله الذّهبيّ، في خِدمة رعيّة الميناء، بتواضعٍ ومحبّةٍ لا تعرف الكلل والملل، ألا وهو قدس المُتقدّم في الكهنة الأب غريغوريوس موسى. فأقام الفرع له تكريمًا كعُربون وفاء، مساء السبت الموافق فيه ٢٠١٥/١٢/١٢ في كاتدرائية القدّيس جاورجيوس بحضور كهنة الميناء من مختلف الطوائف ولفيف من المؤمنين.
    بعد المُشاركة بدايةً بصلاة  الغروب بِرئاسة سيادة راعي الأبرشيّة المطران أفرام كرياكوس من أجل راحة نفس الأخ كوستي بندلي لمرور سنتين على انتقاله  إلى الأخدار السّماويّة ولِشكر الرّبّ على ما خَصّ بلدتنا بوجود الأب غريغوريوس كخادمٍ، متفانٍ،  معطاءٍ سحابة نصف قرنٍ . كانت كلمة ترحيبيّة لرئيسة الفرع الأخت باتي حدّاد، عبّرت فيها عن امتنانها واحترامها له مُعطيةً الكلام لسيادة المطران أفرام الّذي عبَّر عما في  قلبه بهذه العِبارات: “أيّها  الأحبّاء  الكرام، نحن نحتفل، اليوم،بالذكرى الخمسين لخِدمة الأب غريغوريوس في رعيّة الميناء.

1الأب غريغوريوس تاريخٌ حافلٌ، أقول بالبساطة والتواضع.
التكريم للرّبّ، أوّلًا، ولكن لا بدّ  أن نكرِّم آباءنا، أصدقاء الرّبّ الّذين  ضحّوا بحياتهم من أجل خدمة الرّعيّة.
علّمنا الأب غريغوريوس الكثير،  له قلبٌ كطفلٍ، وفي بعض الأوقات، نظّنُ أنّه طفلٌ يلعبُ فيما بيننا.
عنده براءة الطفل، لكن عنده، أيضًا، جدّيةُ الصّلاة والتّسبيح والموسيقى البيزنطيّة.
أعرفه مُذ كان أستاذًا لي في معهد البلمند.
هو يُتقن، أوّلًا، اللّغة العربيّة كقلّةٍ بيننا، وأيضًا، يُتقن بخاصةٍ الموسيقى البيزنطيّة. وصِفات هذه الموسيقى الّتي تُعلّم المُرتّلين كيف أنّه ينطُقُ بوضوحٍ كلّ كلمةٍ  يُرتّلها، وهذا من فضيلته ومن كفاءته، لأنّه تعب في دراستها.
2لذا، هو يُعلّمنا بهذه الفضائل الكثير وهو مدرسةٌ للكهنة بصورةٍ خاصة وأيضًا لرؤساء الكهنة لأنّه يعلم كيف يكون الإنسان متواضعًا،  بسيطًا، دون تزلُّفٍ ويقبل الجميع  كبيرًا كان أم صغيرًا،
هذا هو الأب غريغوريوس نكرّمه لأنّه يستحق التكريم، من أجل إفادته.”
ثمّ كانت كلمة للأب غريغوريوس، الّذي استعرض أهمّ المحطات في  مسيرته الكهنوتيّة، بدءًا بالتحاقه  بمعهد تأهيل الكهنة وممَّا قاله:  “في العام ١٩٥٧ وبعد تخرُّجِنا من البلمند، انطلقنا على ظهر باخرة من بيروت أنا وعدَّة شبَّان باتِّجاه جزيرة بطمس، الَّتي نُفيِ إليها الإنجيليّ يوحنَّا، حيث كَتَب الرُّؤيا هناك، وحصلنا على شهادة من معهد كنسيِّ تؤهلنا للدخول إلى الجامعة الّتي انتقلنا إليها فيما بعد.
في العام ١٩٦٤ تزوَّجت في اليونان من الخورية المرحومة ڤاسيليكي قبل عودتنا إلى لبنان، حيث استلمت التعليم الدِّينيّ في كلّ الأبرشيّة، خاصَّةً في قضاء الكورة، بالتَّعاون مع الأستاذ شفيق حيدر وحركة الشبيبة الأرثوذكسيَّة، الَّتي كانت مسؤولة آنذاك عن التعليم الدِّينيّ.
وفي ظلِّ حاجة رعيَّة الميناء إلى كاهنٍ شابٍّ بسبب تقدم الأب وهبه في السِنِّ، وبمباركة المطران جورج خضر الّذي كان آنذاك إرشمندريتًا، مُنِحتُ نعمة الكهنوت على يدّ المثلث الرَّحمات المطران الياس قربان بتاريخ ١٩٦٥/١٠/٣١. قضيت طوال هذه المُدّة وأنا على مسافة واحدة من الجميع الّذين اعتبرتهم أبنائي في الرُّوح، بالرُّغم من الصُّعوبات الّتي اعترضت مسيرتي الطويلة.
نعمة كبيرة أن يكون واحِدُنا أبًا، فقد مرَّت السنون الخمسون سريعًا، متحاشيًا أن أكون طرفًا عند حصول أي خلاف بين أبناء الرَّعية مع تركيزي على اعتبار المحبَّة الرّكن الأساسيّ في علاقتنا ببعضنا بعضًا.
أشكركم على إخلاصكم، وفرحتي لهِيَ كبيرةٌ برؤية من عمَّدتهم وقد أضحوا كبارًا ولديهم أولادًا وأحفادًا.
مع جزيل امتناني لكاهن رعيَّة الموارنة الأب شكري خوري، والأب سمير حجار كاهن رعية السريان الأرثوذكس على مُشاركتنا اللّقاء، لقد كنّا وما نزال على علاقة طيِّبة وتفاهم مع كافة كهنة الميناء لِما فيه خيرٌ للكنيسة والمؤمنين.
والمسيح هو الّذي يعمل كلّ شيء مع خالص الشكر لكم سيدنا وأطلب الصفح من الجميع لأي أمر اقترفته بمعرفة أو بغير معرفة”
ومن ثم ألقت الأخت زينة حصني كلمة الفرع التي جاء فيها:
“صاحب السِّيادة المطران أفرام كرياكوس الجزيل الاحترام،
قدس الآباء الأجلّاء،
حضرة رئيسة مركز طرابلس لحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة الأخت ميرنا عبُّود،
إخوتي وأهلي في رعيّة الميناء،
نلتقي اليوم، يا أحبَّة، لِنُلقي الضَّوءَ على بعضٍ من سجايا أبونا غوريغوريوس وَمِيزاتِه الّتي عَهِدناها فِيهِ وَالَّتِي جَعَلَت منه كاهنًا قلَّ نظيره في هذا الزَّمان،علَّ هذه الإضاءَة تُذكِّرُنا، نَحنُ أبناءَ هذه الرَّعيّة، بِما علَينا أنْ نتحلَّى بِهِ مِن صِفاتٍ، دون أن ننسى أنَّ الكمال هو دائمًا وفقط لله.
الرَّاعي الصالح يعرف خرافه بأسمائِها، وَأبونا يعرف أسماء كُلِّ أبناء رعيّته: أطفالًا، صغارًا، كبارًا، مَن يُشارِك في الخِدَم الكنسيّة ومَن يَتخلَّف عنها. فيتفاجأ المرء إذا ما اقتَرَبَ مِنَ المُناولة، بعد انقطاعٍ طويل أو سَفَرٍ، بِأنَّ أبونا يَذكُرُ اسمَهُ أمامَ الكأسِ المُقدَّسة.
كم يفرح عندما تمتلئ الكنيسة، في الأعياد الكبرى، فتراه يُرَحِّبُ بالآتِين من كلِّ صوبٍ إلى رعيَّتهم، حيث اختبروا المحبَّة الأولى، وَيأتي صوتُه صَدًى لِصَوتِ الرَّبِّ القائل: “تعالوا إليّ أيُّها المُتعَبين وثقيلي الأحمال فتجدون راحةً”، فيفتقدهم ويطمئنُّ إلى أحوالهم، ولا يَتَوانَى، إنْ لَمَحَ وجهًا جديدًا، أن يُسارِع لِيَتَعرَّف إليه.
إنْ عَلَتْ ضجَّة الأولاد في الكنيسة، لا يتذمّر ولا ينزعج بل يناديهم “حبيبي جدّو”، وإن علا صُراخ أحد الأطفال يهنئه ممازحاً: “برافو عليه صاب الطبقة”. لَكِن إنْ صَدَرَتْ هَذه الضجَّة عَنِ الكبار، في باحة الكنيسة، ترى غَيرة بيت الرَّبّ تأكُلُه، فَيَغضَبُ لِبُرهَةٍ، لَكنَّه سُرعان مَا يَهدأ ويَعتَذِر، وَنشهَدُ جَميعُنا لِمَدى طولِ أناته وَسِعَة صَدره. حتَّى في فترَة الصَّيفِ، عِندَما يتقلَّص عَدَد المؤمنين المُشارِكين في الخِدَم الكنسيّة، تراه لا يُدينُ أحدًا بل يُصلَّي مِنَ أجلِ المُصطافين ويسأل الله أن يَمنحهم فَترَةً مباركة.
3وَعَى أبُونا غريغوريوس أنَّ الخِدَمَ الكَنسيَّة وجَمالَ الألحان، الّتي يترنَّحُ بِها أثناء تأدِيَّتِها، لا تَبلُغ هَدَفها إن لَم تَصِل إلى المؤمِنين بِوُضوحٍ وَيتَمَكَّنُوا مِن فَهمِها، لِذا، تَرى ذِهنَهُ حَاضِرًا دَومًا، يَسعَى لِتَطويع اللَّحنِ لِلمَعانِي وإتقانِ اللَّفظِ والقِراءَة، كَما يُفسِحُ المَجَالَ، أكثَر فَأكثر، أَمام المُؤمِنين لِمُشارَكَة الجَوقَة في أغلَبِ التَّراتِيل. خاصةً خلال المألوفَة منها، فيقف مثلاً في الباب الملوكي ويُعطي الدور للجوقة كي تبدأ بالترتيل “اليوم  العذراء…”. ثم يُوقِف الجوقة بيده ويُشير بالأُخرى الى الشعب كي يبدأ بالبيت الثاني: “…تأتي الى المغارة”
4أمَّا عِظَاتُهُ فَبَسيطِةً تُحاكِي شُؤونَ حَياةِ الرَّعيَّة وَهُمومَ أهلِها البُسَطَاءَ، يَستَخدِمُ فِيها عِباراتٍ مِن يَوميَّاتِهم، هوَ الّذي تَابَعَهُم وَعايشَهُم يَومُا فَيومًا، لأنَّه أدرَكَ أنَّ الكَلِمَةَ الّتي يَنقُلها لَهم لَن تَبلُغَ مُرتَجاها مَا لَم يَتكلَّم لُغَتَهُم، كأنْ يُريدَ، مَثلًا، أن يُذكِّرَهُم بِجَوهَر الصَّومِ وَغايَتِه، وخاصَّةً فِي الأيَّام الّتي تَسمَحُ بِها الكنيسةُ بأكلِ السَّمَكِ، فَيقُول لهم: “إذَا غَالِي السَّمَك كُلُوا طُون”. طِيبَتُه لَم تَمنَعهُ مِن تَوجِيهِ المُلاحَظَاتِ إلى رَعيَّتِهِ، خَاصَّةً أنَّه المُرافِقُ اليَوميُّ لِمَشاكِلِ عائلاتِها النَّاتِجَة عن بَعضِ الآفَات، ورعيَّتُه تَعلَم أنَّه لا يُخاطِبُها إلَّا مَحبَّةً بِها.
عِشقُهُ لِكَنِيسَتِه تَجَلَّى، أيضًا، خِلالَ تَرمِيمِهَا، فَكَانَ يَتَسَلَّقُ السَّلالِمَ، يَنقُشُ الحَجَرَ وَيعمَلُ بَيدَيه لِتَجمِيلها، حتِّى إنَّه يترَدَّدُ، دَومًا،إلى المَدَافِنِ لِيَعتَنِيَ بِنَظَافَتِهَا.
خَدَمَ وَمَا زَالَ يَخدُمُ الرَّعيَّةَ مِنْ كُلِّ قَلبِه، فَتَجِدُهُ، كُلَّ يَومٍ، فِي مَكتَبِهِ المُلاصِقِ لِلكنيسة، يُكرِّسُ نَهَارَهُ لِخِدمَةِ حَاجَاتِ أبنَائِه وَغَيرِهم، دُونَ تَفرِقَةٍ.
يَكرَهُ أبُونا الخُصُومَات، يُبغِضُ الطَّائِفيَّة وَيَبحَثُ عَمَّا يَجمُعُ المَسيحِيِّين وأهلِ البَلد مِن أجلِ خَيرِ المَدِينَة وَالإنسان. يَسكُن أبونا فِي حَيٍّ مُحَاطًا بِإخوَتِنَا المُسلِمين وَلَم يَقبَلْ، يومًا، تَركَ بَيتَه، رُغمَ عَرضِ الرَّعيَّة عليه مِرَارًا أن تُؤَمِّنَ لَهُ مَسكِنًا آخر. لَقدَ جَسَّدَ إيمَانَهُ بِمَحبَّتِه للآخَرينَ فَكَسِب احتِرامَهُم، ثِقَتَهم وَحُبَّهم.
كَانَ شَاهِدًا لِمَسِيحِه، إبَّانَ الحربِ الأهليَّة، لَم يَرهب تَهدِيدًا ولا حتَّى مَوتًا، بَل صَمَدَ فِي أحلَكِ الظُّرُوفِ لِيُشدِّدَ رَعيَّتَهُ وَيَحافِظَ على مَن أوكَلَهُ رَبُّه بِهم مِنْ خَطَرِ الخَطفِ وَالأسرِ، مِن شَبَحِ المَوتِ. حتَّى إنَّه هُوَ مَن اهتمَّ بالبَحثِ عَن شَبابٍ قُتِلُوا، فِي تِلكَ الفَترَة، وأصرَّ عَلى دَفنِهمِ فِي مَدافِن رَعيَّتِهمِ رُغمَ كُلِّ التَّهدِيدات الَّتي لَحِقَت بِهِ.
تَعلَّم مَن سَيِّدِه القائل: “لا تَعبُدُوا ربَّين الله والمَال” (مت6: 24)، فَاختَار ألَّا يَجرَحَ نَقاوَةَ مَحبَّتِه لله، لِذا لا يَطلُبُ شَيئًا لِنفسِه، لا مَالًا، لا مَديحًا وَلا صَدارَةَ المَجالِس، حتَّى إنَّه لا يُبَدِّلَ سَيّارَتَهُ الـ Volvo مَا دَامَ هُناك مُحتاج فِي رَعيَّتِه، وفِي الصَّيف أجرَى لَها صِيانَةً وَقال لي: “ليكي رجعت عروس”.
5“وَجهَكَ يَا ربُّ أنا ألتَمِسُ”، شِعَارُه الّذي تَجلَّى بالتِماسِهِ وَجه يَسوع فِي وُجُوه النَّاسِ، الّتي بَاتَت، بِالنِّسبَةِ إلَيه، وَجهًا وَاحِدًا لإلَهٍ أحنَتهُ مَحبَّتُه فَشَارَكَنا فَقرنا وألَمَنا.
أبَتي غريغوريوس، مَا سَبَقَ وأشَرنا إلَيه، لَيسَ مَديحًا لَكَ ولا إطراءً لأنَّك مَا انتظَرتَهُما يَومًا، بَل اعتِرافًا مَنَّا بأنَّ يَدَ الله لا تَتَوقَّفُ عَن العَمَلِ فِي كَنَيستِه، وبأنَّنا شُهودٌ عَلَى مَحَبَّتِهِ المُتَّجسِّدة مِن خِلالِكَ ومِن خِلال آبائِنا الكَهنَة، أيضًا، إخوتك فِي خِدمَة هَذه الرَّعيَّة، الَّتي مَا بَخُلت يَومًا وَلن تَبخَل بأن تُنتِجَ أحبَّاءً أخصَّاءَ للرَّبّ.
إلى أعوامٍ عديدة يا أبانا الغالي.

وأخيرًا، عُرض فيلمًا وثائقيًّا يُلخص مسيرة قدس الأب غريغوريوس منذ طفولته حتى اليوم بعنوان “غريغوريوس الذَّهبيّ الصّوت”، من إعداد الأخ ابراهيم توما كتحيّة محبَّة وإجلال على مسيرته الطويلة في  رعاية خِراف الرَّبِّ يسوع في الميناء انتهاءًا بتقديم الأخت باتي هدية الفرع وهي عبارة عن أيقونة روسيَّة للسيَّدة العذراء.

 

 

 

6

 

8

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share