الظهور الإلهيّ – المطران جورج (خضر)

mjoa Thursday December 31, 2015 258

الظهور الإلهيّ – المطران جورج (خضر)

نتأمّل اليوم في سرّ «الغطاس» القادم علينا. دُفن يسوع في المياه، ودَفن بذلك شهواتنا جميعا، وعلّمنا منذ ذلك الوقت أننا مدعوّون إلى أن نقوم معه وأن نشاركه فرحه وسلامه. ولما صعد من الماء فُتحت السموات وسَمع صوتَ الآب ورأى الروحَ القدس مجسّما.

baptism الذي ينهض من ماء المعمودية يُعطى ان يرى، على مثال المسيح، السموات مفتوحة ويسمع صوت الآب. هذا الذي يخلع نير الخطيئة عن نفسه اذ يُدفن في الماء تلتفت اليه السماء ويستقرّ عليه الروح القدس. ولذلك نقرأ في إنجيل اليوم أول كلمة نطق بها السيّد لما باشر بالتعليم: «توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات». توبوا أي حوّلوا وجوهكم إلى وجه الله، غيّروا أذهانكم، صحّحوا عقولكم، نقّحوا كلمات كنتم تقولونها وكانت تأتيكم من شهواتكم. خارج المسيح شهواتكم توشوش في صدوركم وتظهر على ألسنتكم. ولكن إن ثبتّم في المسيح بالمعمودية تتحوّلون اليه تحوّلا جذريا كاملا ساطعا ولا تنطقون عن غرض ولا عن منفعة دنيوية ولا عن خوف، ولكنكم تتكلّمون بكلمات الله، وتُعرف إرادة الله اذا تكلّمتم.

إن استنرنا بنور الظهور الإلهي، بنور الله الظاهر في حياتنا وقلوبنا، عند ذاك نكون تائبين ونصبح إلهيين.

«توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات» أي ان الله معنا، مملكته فينا، ملكوت الله في داخلنا. الله جعلنا في جواره منذ أن جاء إلى أرضنا وباركها وحلّ فيها. السماوات نزلتْ علينا، انحدرتْ الينا منذ جاء الله وجلس في ما بيننا. لذلك نحن في فرح مقيم وفي سلام دائم.

إن كنا حقا في المسيح يسوع، نعرف يقينًا أن الله أعظم من قلوبنا وأقوى، وانه هو الذي يملأنا قوة وفرحا وحبّا. عندما نُدرك أننا قادرون أن نغتذي من الله وأن نحيا به، عندما نعرف أنه منعشنا وأنه يلاطفنا وأنه يكفينا، فعندئذ لا علاقة لنا بالخطيئة، نتركها كما يترك الانسان قطعة بالية من الثياب. نرمي الخطيئة عن أنفسنا كما يُرمى شيء وسخ، ونرتمي في أحضان المسيح مستلذّين وجهه ومرتضين مُعاشرته كما ارتضى هو أن يعاشرنا لما جاء إلى الأرض وسكن في ما بيننا وأَحبّنا حتى الموت، موت الصليب. هذه هي التوبة: أن نتبيّن جمال المسيح وقباحة خطايانا.

من عرف محبة الله له واكتفى بالله لن يقتُل في ما بعد ولن يَسرق ولن يرتكب قباحة لأنه لا يريد ان يبرر نفسه والناس، ولكنه يريد ان يكون لطيفا بالناس كما أن الله لطيفٌ بنا.

هذا يحب الناس ويجعلهم بذلك أقرباء لربهم، ولهذا كرر يسوع دعوته الينا أن توبوا، عودوا إليّ كما جئتُ انا اليكم وكما أَطللتُ عليكم. هكذا أنتم اذا أطلّت قلوبكم عليّ فإننا نلتقي في المحبة.

نبقى مقيمين على هذا العهد، عهد التوبة وعهد السلام مع الله والناس.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share