تحذير صادر من دير كوتلوموسيو حول موضوع النبوءات

mjoa Monday January 25, 2016 143

اليونان

تحذير صادر من دير كوتلوموسيو حول موضوع النبوءات

propheciesنشرت رهبنة دير كوتلوموسيو في جبل آثوس، حيث كان يعيش بقربه في منسك القدّيس پاييسيوس، رسالة موجّهة إلى الأرثوذوكس أينما وجدوا في العالم، تُحذّرهم من الانجذاب المُبالَغ به نحو “النبوءات”. إذ تُعطي بعض الأوساط في البلاد الأرثوذكسيّة تفسيرًا خاطئًا لها، ولا سيّما لكلمات القدّيس پاييسيوس أو لكلمات منسوبة زورًا إليه.
في الواقع، كشف الأب پاييسيوس عن توقّعات مثلاً عن سقوط الشيوعيّة في روسيا- وذلك من سنوات عديدة قبل أن يقع هذا الحدث- أو أيضًا عن مستقبل القسطنطينيّة وعن غيرها من الحوادث.
بالإضافة إلى ذلك، قال القدّيس: “لسنا بحاجة إلى أن نكون مستبصرين حتّى نفهم أنّنا قد دخلنا في عصر نهاية العالم”.
إذ لم تكن هذه الرسائل مُوجّهة حتّى” تُستَغل” باتّجاه ما أو بآخر، كما يذكر التحذير أعلاه. لكنّ هذه النبوءات تحتوي قبل كلّ شيء على الدعوة إلى التوبة، حتّى نستحقّ الخيرات الآتية أو أن نتفادى الويلات التي رآها القدّيس في الوحي.
يقدّم السوق العالميّ للمستهلك، اليوم، ليس فقط السلع المادّيّة ولكن أيضًا “الروحيّة”. المجال الذي يتجدّد من دون توقّف وبترويج، هو مجال النبوءة. إنّه يستهدف كلّ البشر بمختلف أنواعهم، وبغضّ النظر عن مستواهم الثقافيّ أو الدينيّ أو العرقيّ. بدءًا من الأشياء البسيطة في حياتنا الشخصيّة اليوميّة حتّى الأسئلة العالميّة ذات الأهمّيّة للبشريّة جمعاء.
نلاحظ أنّ قسمًا من الإيمان الأرثوذكسيّ للآخرة، يُنظَر إليه في هذا السياق في أيامنا هذه.
وكثيرًا ما رُوِّج لشكل المستقبل بدقّةٍ سينمائيّة. في حين ترافق الموسيقى أفلام النبوءات على شبكة الأنترنيت، وعلى شاشات التلفزيون على شاكلة الأفلام الدعائيّة الأميركيّة.

لا يُقال كلّ هذا للتشكيك في موهبة النبوءة. الكنيسة تسير من دون انقطاع على طريق أنبياء العهد القديم. النبيّ يقف أمام الله، يسمع منه وينقل رسالته إلى شعبه. رسالة توبة وعزاء وإخلاص وقيادة. يشارك كلّ قدّيس حقيقيّ في موهبة التنبّؤ، إنّه “يرى” ما لا يظهر . يكاد من المستحيل وصف هذه العمليّة الروحيّة. نستطيع أن نقول ببساطة إنّ الفكر بالممارسة اللاهوتيّة مستنير، بروح الله ومُكتسب صفاته.
وتاليًا يتمّ الحصول على رؤية روحيّة للأشياء وسمع روحيّ للكلمات، أو بعض الاستعلامات الداخليّة، حسب نعمة متناقضة، من دون وجود شخص أو صوت.
النبوءة غير واردة خارج الفضائل الأخرى، وإحداها التواضع. كان القدّيس پاييسيوس يعرف أنّ ما من أحد معصوم عن الخطأ. في ما يتعلّق بالأحداث المستقبليّة، كان من عادته أن يبدأ حديثه قائلاً : “ذهني يقول لي”. لم يكن يحدّد الوقت (كما يفعل غيره من المعاصرين المعروفين أو المجهولين الَذين تُكذبهم الحقائق في ما بعد). كان يعتقد أنّه إذا تغيّر الإنسان، يُغيّر الله مجرى الأمور، كما نرى في العهد القديم. القدّيسة أوفاميا الخلقدونيّة ( القرن الرابع ) التي ظهرت للقدّيس پاييسيوس، لم تصف له المستقبل لكنّها أشارت إلى التطوّرات المهمّة للأحداث، ومع ذلك تعتمد هذه التطوّرات على اختيار الإنسان.
ما هو أكيد أنّ النبوءة مُعطاة للتوبة ولعودة وجودنا إلى الله وليس لتنظيم حياتنا الشخصيّة ولهدوئنا .
جميع المشاركين في موهبة النبوءة هم أناس لديهم الرصانة الروحيّة (الانتباه واليقظة …) عندهم حسّ روحانيّ طاهر وأرواحهم كالمرايا النقيّة التي تعكس أسرار الله والعالم. ومع ذلك، الرصانة ليست مطلوبة للنبيّ فقط بل للذي يتلقَّى النبوءة أيضًا. مَن هو الشخص الذي يتلقّاها بشكل صحيح؟ أهو الذي تحت وطأة الاندهاش والذهول؟ أم هو الذي يفرض الأوضاع حتّى يُؤكّد حقيقة النبوءة؟
الذي يتلقَّى النبوءة بشكل صحيح هو الذي يُعطي قيمة بشكل روحيّ لما يسمع من جهة، وهو من عنده فكر نقيّ من جهة أخرى، حتّى يُعلِّق على الأحداث عندما ستحدث، أي عنده القدرة على التمييز بالروح وبدون تسرّع.
“بدون تسرّع” و “بالروح” يعنيان أنّ ما يجعلني قادرًا على التمييز هي الرصانة الروحيّة والصلاة والمحبّة، وليس ركوب أمواج  الأخبار و أعاصيرها.
وللأسف، يُكرّس البعض ساعات من وقتهم ليعرفوا وقت مجيء “المسيح الدجّال” أو وقت استعادة أراضٍ وطنيّة، ولكن لا يتذكّرون فتح الإنجيل والنظر في مرآة كلمة الله. كيف سيستطيعون إذًا الهروب من خطر الوهم وتجنّبه؟
استخدام شخص القدّيس پاييسيوس لتعزيز الحقيقة الأرثوذكسيّة المزعومة، (مثل بثّ شريط صوتيّ للقدّيس بينما هو بالحقيقة صوت شخص آخر)، يُخيفنا لأنّ هذا يُغذّي ويروي الهَوَس الحاليّ للنبوءات، هَوسًا يتغذّى بنقصان الإيمان، ويُنمّي “روح العبوديّة حتّى يبقى دائمًا في الخوف”، رومية ١٥:٨.

اليوم في عصرنا هذا، في عصر الارتباك، عصر الصورة والحسّيّة، حيث كلّ الأشياء قليلة العمق من كلام وعواطف واختبارات.
حاليًّا لا نبوءة أكبر من نبوءة القدّيس أثناسيوس الكبير: “حضِّر نفسك كلّ يوم للقاء المسيح. إفحص نفسك كلّ يوم على ضوء وصايا المسيح، والذي ينقصك إبدأ ببنائه”.
كمسيحيّين نحن ننتظر المجيء الثاني للمسيح “مع التراتيل”، وهذا هو أجمل ما في حياتنا اليوميّة، ليس كانتظار فقط بل كخبرة مع المسيح الحيّ والقائم من بين الأموات. ولكن إن كنّا فارغين وقليلي العمق، فماذا ستفيدنا القسطنطينيّة أو تاريخ مجيء المسيح الدجّال؟.

ترجمة : الأخت سرزاه ساسين جولي

لقراءة الخبر باللغة الفرنسية :http://orthodoxie.com/mise-en-garde-du-monastere-de-koutloumousiou-au-sujet-des-propheties/

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share