الإباحية – المطران جورج (خضر)
الإباحية في ما يُكتب وما يصور تدر المال لأصحابها. وبين المال والجنس علاقة حميمية. أنت تشتري من تجانسها. في الحب ليس للمال مكانة ولكن يبدو ان المال عنصر فاعل في العلاقات بين الجنسيين شرعية كانت أم غير شرعية. لما قال يسوع الناصري لا تستطيعون أن تعبدوا الله والمال كان فاهماً ان الجنس معبود أي أنت مسلم نفسك اليه في شرعيته وغير شرعيته الا اذا كنت من قلة الأبرار.
الخفر هو أدنى ما نحن عليه، العفة أقوى من الخفر. وأضعف العفة الإمساك وعندنا نحن العيسويين المتنورين الإمساك هو في الجسد والذهن والروح وهذا من سلوك ليس من هذا العالم. ولكن على المرء ان يسعى وفي هذا تسعى المسيحية التراثية. لا تقول المسيحية العفة هي في الإمساك اذ تدعو العامة إلى الزواج ولكنها تقول ان المتزوج البار عفيف ضمن الممارسة. ليس التناقض عندها بين الجنس والعفاف ولكنه بين الطهارة والدنس والدنس بالجسد يكون أو بغير الجسد. القلب عندنا مكان الخطيئة. والقلب الله ساكنه أو هو عدم.
تبدأ الإباحية باعتبار الآخر وسيلة أي غير شريك. وهنا لا بد من تذكير المسيحيين بأن قول بولس الرجل رأس المرأة لا ينتهي الا اذا أردفت انه رأس المرأة كما ان المسيح رأس الكنيسة والمعنى الواضح ان ليس في الطبيعة البشرية تراتب بين الذكر والأنثى ولكن الرجل يصبح رأس المرأة اذا سلك معها سلوك المسيح مع الكنيسة أي إذا أحبها حتى الموت. أما الذكورة خارج سلوك الحب فوضع بشري ليس له قدسية. في موضع مما جاء في الكتاب ان الرجل رأس المرأة تعبير عن كونه الحكيم وكأنه يقول إن المعنى العميق عند بولس أن ليس من فرق بين الذكورة والأنوثة وان الفرق كله بين الحكمة والجهالة. والواضح اذًا ان ذكورتك لا تعطيك حقاً على المرأة وتبقى الأولية للحكيم.
فالادعاء بأولية الذكر ادعاء قائم على قوة الرجل في المجتمع. فإذا كان الرجل تفهًا أو مجرماً فمن أين يأتي بالأولية. كم من مرة عندما كنت أقيم زيجات الناس الذين كنت أعرفهم قلت في نفسي هذه العروس تضيع عقلها وحياتها ان خضعت لهذا الرجل التفه. الناس لا يعرفون ان الذكورة والأنوثة لا تهمان الله وان هم الله في الحكمة.
كل هذا التعليم التقليدي عن أولية الرجل في الزواج تعليم اصطنعه الرجال الذين لذتهم ان يستبدوا بالنساء. الأولية هي أولا ًللطاهر وثانياً للحكيم. الاختلاف التشريحي بين الرجل والمرأة لا يعطي الرجل حقاً عليها. ليس الله سخيفاً حتى يبني تعليمه عن الزواج على أساس تشريحي. أعضاؤنا لا تحدد أولية. الأولية للحكمة وهذه ليست محصورة بجنس. والمحب الكبير أو العاشق الكبير لا يريد نفسه آمرا ًأو حاكماً. يرى نفسه خادماً في الحب.
جريدة النهار
06 شباط 2016