يا الله ارحمني أنا الخاطئ – المطران جورج (خضر)

mjoa Thursday February 18, 2016 340

يا الله ارحمني أنا الخاطئ – المطران جورج (خضر)

ندخل اليوم موسمًا في الطقوس يُدعى «تريودي» نسبة إلى كتاب نستعمله في هذه الفترة استعدادًا للصوم ويبدأ اليوم بأحد الفريسي والعشار وينتهي بسبت النور. أمامنا في القراءة الإنجيلية اليوم رجلان ذهبا إلى الهيكل ليصلّيا، أحدهما فريسي والآخر عشّار. ابتدأ الفريسي صلاته شاكرا الله لآنه ليس «مثل هذا العشار» متفاخرا لأنه «ليس كبقية الناس». دان نفسه والدينونة لله.

THE-TAX-COLLECTOR-AND-THE-PHARISEEفي الظاهر كان للفريسي الحق أن يميّز نفسه عن الآخرين لأنه كان تقيًّا بالمعنى المنصوص عليه في الكتب وكان ينفّذ الوصايا ويزيد. اعتبر نفسه غير خاطف وغير فاسق. ألا يحقّ له أن يحسب نفسه أول الناس؟ ماذا يريد الله أكثر من هذا؟

المشهد الثاني مشهد إنسان عشّار، والعشارون كانوا يسرقون أموال الناس في جبايتهم للضرائب. وقف هذا الإنسان في آخر الهيكل وقال: «ارحمني أنا الخاطئ». قد تعرفون ان هذه العبارة انطلقت دعاء مستمرا في الرهبنة الشرقية اذ نقول «أيها الرب يسوع المسيح ابن الله ارحمني أنا الخاطئ» ونردّدها. وتقول كنيستنا ان عبارة العشّار هذه يستعيض بها الإنسان عن أي صلاة وعن أية عبادة إن لم تتوفر له أسباب الصلاة في الكنيسة.

يقول يسوع ان هذا الخاطئ ذهب مُبرَّرا مُزكّى دون ذاك الفريسي الذي لم يتواضع. والعشار التائب إلى ربّه جعله المسيح قدوة لنا، والمسيح غفر لكثيرين من الخطأة. جاء يسوع ليقول: لا يكفيك أن تكون تقيّا ومنفّذا للشريعة، يجب أن تعتبر أن الله معطيك نعمة الشريعة وأن التقوى تعبر بك عبورًا، وأنك فقير إلى الله في كل حين ولا يمكنك أن تفضّل نفسك على أحد. الذي يرى نفسه خير الناس لا يستطيع أن يرى الله فوق رأسه، وأما الذي يرى نفسه آخر الناس يستطيع أن يُبصر الله في نفسه وفي الكون.

يقول لنا الكتاب المقدّس من خلال هذا المثل ان الصلاح الذي فينا لا نستطيع أن نتفاخر به لأنه نعمة يقذفها الله في القلب. ليس لنا من الصلاح شيء، إنما نحن نستمدّه من ربّنا استمدادا.

لقد علّمَنا الرسول بولس أن «المسيح يسوع جاء إلى العالم لخلّص الخطأة الذين أنا أوّلهم» (١تيموثاوس ١: ١٥). بولس جاز بلاد العالم وأسّس المسيحية مثلما لم يعمل انسان. قاسى وتألّم ومات شهادة للسيّد، وما كان له إلا أن يقول: «ان المسيح جاء إلى العالم ليخلّص الخطأة الذين أنا أوّلهم». إذا اقتنع كل منّا بأنّه ليس ثالث خاطئ ولا عاشر خاطئ، ولكنّه أوّل الخطأة، عندئذ يمكن ان يستقرّ الله فيه، في قلبه، ولا يبقى الله فوق الجبال أو جالسًا على عرش. الله يتمكّن من القلب ان استطاع القلب ان يرى نفسه آخر الناس.

الإنسان عابد لربه أو عابد لنفسه، ولا مجال لهاتين العبادتين في نفس واحدة.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)
نشرة رعيتي
21 شباط 2016

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share