إيمان الوثنية – المطران بولس (بندلي)
قال لها الرب يسوع “ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب”
فأجابت “ولكن الكلاب أيضاً تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها” (متى 26:15-27).
أيها الأحباء،
إن ما نسمعه في انجيل هذا النهار لمهمٌّ جداً ورهيب -لقد حدثنا عن امرأة وثنية من جنوب بلدنا تلتقي بالرب يسوع- واذا كانت حاملة لثقل كبير في حياتها وهو مرض ابنتها -هاهي تأتي به وتطرحه عند أقدام السيد طالبة منه رحمة تتجلى في شفاء ابنتها.
انها لم تكن عالمة بأنه هو الذي قال: “اني أريد رحمة لا ذبيحة” لكنها وكأنها شعرت أنه هو وحده الذي يستطيع أن يرحمها فأتت ساجدة للذي قال، دون أن تدري هي بذلك: تعالوا “اليّ” يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال و”أنا” أريحكم -فقصدته…
أما هو الذي يعرف القلب والكلية، فعزم أن يُظهر ايمانها أمام أولئك الممتلئين من أنفسهم والظانين أنهم “وحدهم” يؤمنون واستعار “منطقهم” غير المستقيم في تصنيف البشر لكي يكلمها بقسوة صعبة جداً وكأنه يود أن يؤنِّبها عن وضعها كوثنية وكأنه بالتالي يريد أن يؤكد لها أنها لا تستطيع أن تنال ما تطلبه بلهفة هذا مقدار لجاجتها -توصّل أن يقول لها أنك “كلبة” ولذلك لا تستحقين أن يُستجاب طلبك….
أما هي، فما اعتبرت نفسها أفضل من الكلاب بل هتفت نحو الذي قطع المسافة الشاسعة التي تفصله عن الذين ابتعدوا عن نعمته، هتفت نحوه: أنا كلبة ولكنني أريد الفُتات الذي يتساقط من موائد أولئك الممتلئين من أنفسهم والمزدرين بمن ليسوا من دينهم وكأن الله لم يخلقهم (أي الوثنيين) مثل ما خلق اليهود أنفسهم. فنالت مكافأة ايمانها وانتصر رجاؤها بمن لم تُرشد اليه الاّ بلهفة قلبها وشفيت ابنتها في تلك الساعة.
تساؤلي معكم، أيها الأحباء:
أولاً: هل نزدري بالآخرين وكأن الله لم يخلقهم على صورته ومثاله كما خلقنا نحن؟
ثانياً: هل نحن ممتلئون من أنفسنا لدرجة أننا نعتبر الآخرين كلاباً لا تستحق نعمة الخبز؟
ثالثاً: ذكر سيادة أخينا المتروبوليت الياس راعي أبرشية بيروت وتوابعها الجزيل الاحترام أنه يشرّفنا أن نكون “كلاباً” نلتمس رحمة الله، فهل نقبل أن نتبنى كلام امرأة وثنية ونقول للرب: اذا ما قلنا أننا كلاب فليس لكي نضر الآخرين بل لكي “بأمانتنا لله” تلك الصفة التي يرمز الكلاب اليها نستطيع حينئذ أن ننال فتات رحمة الهية تشبعنا ولا نعود نحتاج الى خبز الرياء والبغضاء فنسمع حينئذ صوت الرب القائل لنا: عظيم ايمانك -ليكن لك كما تريد (متى28:15) فنُشفى وأبناؤنا للحال بقوة من افتدانا بدمه الكريم المهراق على الصليب من أجلنا، له العزة والكرامة والسجود الى الأبد. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 6 – في 9 شباط 1997
أحـــد الكنعانية