الابن الشاطر – المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday April 26, 2016 165

الابن الشاطر – المطران بولس (بندلي)
من هو الابن الشاطر الحقيقي؟
عندما يُتلى انجيل هذا النهار على مسامعنا، نفكر عفوياً بالإبن الأصغر الذي شطر مال أبيه فطالبه بأن يعطيه ما “يخصّه من الميراث” وعندما حصل عليه ترك أباه وابتعد عنه ليصرف حصته فببددها سريعاً.
ولكن هناك انشطاراً آخراً أهم بكثير من القسمة المادية! هناك محاولة لقسمة البيت قام بها الابن الأكبر، هذا الابن الذي لم يترك البيت الأبوي ولا لحظة واحدة ولم يطالب “بما يخصه من الميراث المادي” لكنه بالفعل شطر البيت ذاته الذي التحم أفراده مع بعضهم البعض عندما عاد الابن الأصغر تائباً فعانقه أبوه وألبسه الحلة الأولى رافضاً أن يتحدث عمّا آلمه في ابتعاد ابنه عنه ولكن الابن الأكبر “رفض” أن يدخل ففتح جرح قلب الأب من جديد اذ أن البيت، بعد أن دخله الرجاء بأن عقده اكتمل،

أصبح معرّضاً ان يبقى أحد أبنائه غائباً عنه والفرح الذي كان يؤمل أن يكون الفرح المتكامل أصبح معرّضاً للنقصان بل للزوال اذ أنه مقابل ابن أصغر يعود الى البيت الأبوي هناك ابن أكبر يفتح باب المأساة مجدداً على مصراعيه اذ أنه لا يريد أن يتعرف على من شطر المال وعاد فقُبل، لا يقبل أن يدخل في شركة معه فشطر مجدداً البيت وقلب الأب…
أما الأب فلا يقبل بالاستسلام لما يهدد وحدة بيته، انه لا يوفر جهداً مهما كلّفه وحتى اذا طال كرامته!
هذا الأب خرج هو بنفسه للحديث الى ابنه الأكبر كما سبق له فركض نحو ابنه الأصغر العائد اليه.
هذا الأب الكبير في محبته لا توقفه الصعوبات، انه يفكر بأن الحواجز النفسية يجب أن تُهدم ويحمّل نفسه جهد ازاحتها مهما كان مكلفاً. ها هو يخرج “ليتوسل الى ابنه الأكبر -انه محرّك بمحبته الكبيرة التي هي أقوى من الموت- لقد قبل فرِحاً ابنه الأصغر، لكن فرحه، بعودته لا تنسيه الآخر، لذلك خرج نحوه مذكراً اياه بأن عضويته الفعلية في البيت الأبوي لن تكون حاصلة الاّ اذ تقبّل “أخاه” الأصغر الذي كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجد فيشترك هكذا “بالفرح” الذي لا ينزعه أحد منه فيما بعد.
انجيل هذا النهار فيه دعوة ملحة موجهة الينا جميعاً لقبول بعضنا البعض والتزام بعضنا البعض بل السهر على بعضنا البعض لكي يكمل فرح الرب فينا اذ يرى جميع أبنائه دون استثناء مجتمعين حول مائدته الالهية كغروس زيتون حول مائدته.
الا أهلنا الله الى هذا الفرح الذي لا ينزعه أحد منا. آمين.

مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 8 – في 23 شباط 1997
أحـــدالإبن الشاطر

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share