البتول والأم- المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday April 26, 2016 164

البتول والأم- المطران بولس (بندلي)
عيّدنا أول أمس لعيد رقاد العذراء الكلية القداسة، والدة الاله الدائمة البتولية مريم -انها البتول والأم معاً فالنعمة الالهية، بالروح القدس الذي حلّ عليها جمعت في شخصها ما لا يستطيع أن يجتمع أبداً، فبهذا نتأمل أيها الأحباء ونقول مع الترانيم الميلادية “حيث يشاء يُغلب نظام الطبيعة”!
ولكن الحدث الالهي، ولو يفوق الفهم، يدعونا الله “به” أن نتعلم ماذا يعني وبالتالي أن نسعى لمطابقة حياتنا على ما يحمله الينا من دعوة الهية.

ان البتولية الحقة تكون في بشر يريدون أن يكونوا “لله” أي أن يكون هو الكل في كيانهم وبالتالي أن يسلموا حياتهم له كالعذراء الهاتفة نحو الملاك المبشّر “أنا أمة لله فليكن لي حسب قولك” أي أن حياتها كلها له، لا تريد أن تعرف أحداًً سواه، هي له وله وحده ولذلك لا تريد أن ترى في أفقها الاّ اياه وهكذا تُحدِّد البتولية الحقة في نمط تتبعه وتوضح فيه انها لا تقبل بمشاركة أي كان لله القدوس والمستريح في القديسين…
وبهذه الطريقة التي حددت البتولية فيها، ها هي تجد نفسها مكلفة بان تحمل اله الخلاص للعالم، فهي التي قالت لا أريد لله شريكاً في حياتي، تجد نفسها في علاقة كاملة مع كل البشر وعوض أن تتحول “البتولية” الى “انعزال عن العالم” بمعنى التنكر له وللناس فيه، تصبح ملتزمة اياه فتلد ابنها الالهي لخلاص هذا العالم بأسره.
أيها الأحباء ان البتولية الحقة التقت مع الولادة وبهذا نتعلم أن الرهبان الذين اختاروها لأنفسهم لم يكونوا يوماً ما “مستعفين” من ولادة الناس في يسوع المسيح وهذا ما يتحقق دوماً في مقاربتنا للأديار المقدسة ولمن يسكن فيها وهذا يشكل مصدراً لتعزيتنا اذ نشعر بما قاله الرسول بولس “ان كان لكم ربوات من المعلمين فليس لكم آباء كثيرون لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع” فطلب من مراسيله أن يكونوا مقتدين به.
كما أن البتولية الحقة هذه ليست غريبة عن حياة المتزوجين اذ انهم مدعوون أن يحققوها في حياتهم اليومية وهكذا يسعون كالعذراء الكلية القداسة أن يكون الله وحده في ولاداتهم البشرية، أن يكون الله وحده في تربيتهم لأولادهم، أن يكون الله وحده في أساس بيوتهم، أن يكون الله وحده هدف مساعيهم وجهودهم -الا يطلب منا أن نودع ذواتنا وبعضنا بعضاً وكل حياتنا للمسيح الاله؟
هكذا تتحقق فينا بتولية حقيقية وولادة حقيقية معاً -وهكذا يصبح موتنا عربوناً للحياة كما رتلنا للعذراء البتول والأم معاً.
أهلنا الله بشفاعاتها أن نكون له وله وحده فنحقق انسانيتنا الكاملة فيه ونكثر ونملأ الأرض بأولاد لنا، ان كنا ولدناهم بالجسد أو بالروح لا فرق فهم مدعوون كلهم ان يصبحوا اخوة لابن البتول معاً الممجدة مع ابنها الالهي على الدوام. آمين.

مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 33 – في 17 آب  1997
الأحـــد التاسع بعد العنصرة

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share