العظمة الحقيقية – المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday April 26, 2016 170

العظمة الحقيقية – المطران بولس (بندلي)
“ان هذا السر لعظيم هو” (أفسس32:5).
هذا اعلان الرسول بولس في مقطع الرسالة الى أهل أفسس الذي نقرأه في خدمة سر الزواج المقدس.
ويتابع بعد ذلك كلامه موضحاً ان ما يقوله يتعلق بالمسيح والكنيسة أي ان العظمة الحقيقية في سر اقتران الرجل بالمرأة تتحقق في هذا الإتحاد بينهما المدعوّ أن يتخذ نموذجاً له في إتحاد المسيح بالكنيسة التي اتخذها كعروس له وهو ختنها -أي عريسها- الإلهي. وينتج عن ذلك ان الحبَّ الذي يكرس في سر الزواج المقدس يجب ان يتجه نحو “الحب الاسمى” الذي ليس أعظم منه والدافع أن يبذل الإنسان نفسه فداء عن أحبائه، أي أن يقبل أن يصلب كسيده من أجل الآخر، وأن يموت عنه لكي يحيا بالإله الذي بسط على الصليب ليضم أبناء الله المتفرقين الى إتحاد واحد. ولذلك يشدد الرسول الالهي في مقطع الرسالة الى أهل أفسس التي رتبتها الكنيسة للحدث الفائق الأهمية الذي فيه يتعهد الشريكان كل منهما الآخر،

يشدد ويلح قائلاً: “أيها الرجال أحبوا نساءكم -ليس بشكل غير واضح- “لكن” كما أحب المسيح الكنيسة وبذل نفسه من أجلها  ليطهرها” أي ليدعوها أن تكون داخل خدره البهي الكلي الجمال، فالمحبة التي يدعى اليها الزوج هي محبة المسيح للكنيسة أي ليست محبة “عاطفة محضة” بل محبة بذل وعطاء يتمركز اهتمامها على أن تكون شريكة الحياة عروساً حقيقية للمسيح. ويتابع الرسول بولس قوله طالباً الى الزوجة أن تخضع لعريسها ليس خضوع عبدة لكن خضوع محبوبةٍ تعي يقيناً أنها محبوبة “كما أحب المسيح الكنيسة” وتأخذ قوة طاعتها لزوجها من الحب الذي يجمعهما وهو حب لا بدّ له الاّ وأن ينتصر حتى على موت هذا العالم.
أمام عظمة ما أكدته لنا الكلمة الالهية، تلك العظمة التي تتجلى حقاً في صلاتنا الى الرب من أجل العروسين، كم يؤلمنا أن يغيب ذلك ومعناه عن ذهن الناس والعروسين أحياناً.
نريد عظمةً بشريةً في أعراسنا -في كثير من الاحيان نصرف مبالغ كبيرة لأجل أن نعطيها طابعاً فخماً- لا نتخلى عن الطبل والزمر وعن السهرات الصاخبة وكل هذا يكلفنا مبالغ طائلة ربما فكرنا في الاستدانة لتدبيرها أفكر بكل وسائل هذا الدهر ونعتبرها عنصراً أساسياً في تحقيق عظمة نجلب بها أنظار الآخرين الينا.
هل هذا هو حقيقة التعبير عن العظمة الحقيقية التي لنا ملء الحق أن نطالب بها ولكنها يجب أن تكون العظمة ليست ذرَّ رمادٍ في أعين من حولنا بل عظمة حقيقية يضمنها لنا وحده الاله القدوس.
العظمة نوعان: نوع الهي اذ ان الله يُسَرُّ بنمونا ونساهم نحن في تمجيده ونوع بشري يبنى على أسس واهية، ربما بهرت العيون، ولكنها لا تزال تتعرض للزوال السريع لأنها غير مبنية على صخرة ايمان يقويه الله فينا أجمعين. فإذا ما تأملنا بالسر الالهي العظيم، الحاصل في كل اقامة سر الزواج الالهي هل نقبل أن نتلهى بمظاهر خارجية ربما طغت علينا واستعبدتنا عوض أن تحررنا.
أعطانا الرب الانتباه الى ذلك لتكون مساعينا كلنا جادة لإقامة سر الزواج والأسرار الأخرى في جو مقدس عابق بالبخور لتحيينا النعمة الالهية فيه على الدوام. آمين.

مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 35 – في 31 آب 1997
الأحـــد الحادي عشر بعد العنصرة

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share