الظهور الالهي – المطران بولس (بندلي)
“اليوم ظهرت للمسكونة يا رب ونورك قد ارتسم علينا،نحن الذين نسبحك بمعرفة قائلين: لقد اتيت وظهرت ايها النور الذي لا يدنى منه”.
لقد عيَّدنا، ايها الاحباء، في اليوم السادس من هذا الشهر، لعيد الظهور الالهي ونبقى معيدين له حتى اليوم الرابع عشر من كانون الثاني حيث نودعه مقيمين خدمته كاملة فهل نعبر فيه وكانه ليس الهيًا؟ ينبغي ان ننتبه لاهميته وخاصة وان ظهورات كثيرة تحاول ان تحجبه عنا!….
ليس ظهورا كما نقصد بشريا، فالظهور عند البشر يعني ابراز الانسان لنفسه وكأنه لايوجد انسان آخر يساويه كرامةً، الظهور البشري غايته ابراز شخصيته، ويا للأسف كثيراً ما تظهر متعجرفة، متكبرة وكأن الله أبدعها بقالب خاص به و “كسر القالب” بعد ذلك لكي تبقى مميزة عن الشخصيات التي منحها خالقها الوجود مثل ما منحه لها؟ البروز هذا اذ يتنكر لنعمة الخلق نفسها يتحول الى سبب لأعظم خطيئة يقترفها الانسان وهي الكبرياء ولذلك يتحول الظهور البشري في اطاره هذا الى ظلمة الابتعاد عن صورة الله في الانسان اذ ان الكبرياء تشوهها تشويهاً كاملاً.
اما الظهور الالهي فإنه عكس ذلك تماماً! انه تنازل الالهي البهي بجماله لكي يلبس صورة الانسان المشوهة بسبب كبريائه فيعيد لها الجمال القديم الذي نئن في غربتنا عن الله لكي نستعيده -الظهور الالهي- حدث عندما حنى ربنا والهنا ومخلصنا يسوع المسيح هامته أمام عبد بشري لكي يسكب عليها مياهاً يقدسها هو بنعمته فيجعلها تقدس الآخرين الذين يساوي نفسه بهم فدعاهم هكذا أن ينعتقوا من الشرور فيقبلوا ملكوت محبته.
هذا الظهور الالهي فتح السماوات فجعل طريقها سالكة امامنا نحن البشر -صوت الآب شهد للإبن المتنازل نحونا فأعلن بنوته الأزلية لكي يدعونا الى التبني اذا ما استمعنا الى كلمة الحياة التي عنده فنقول مع الرسول بولس: “لسنا نحن الذين نحيا بل المسيح يحيا فينا” والروح الالهي حلّ على الرب الحاني هامته لكي يؤكد حقيقة الكلمة المعلنة لانعتاقنا من عبودية الخطيئة.
اما النور الذي لا يدنى منه، النور الالهي الذي قيل عنه انه لا يمكن لانسان ان يراه ويبقى حياً، فهذا النور اصبح مرئياً عندما ظهر الرب على نهر الاردن فغسلت معاصينا واصبحنا ابناء للنور الحقيقي الاتي الى العالم لكي نراه نحن الذين في ظلمة الموت وظلاله فنحيا به.
أيها الاحباء نحن مدعوون أن نختار بين المشاركة في الظهور الالهي وعرض عضلات واهنة للظهور البشري، ألا كان الله معنا لكي “بنوره نعاين النور”. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 2 – في 11 كانون الثاني 1998
الأحـــد بعد الظهور الالهي