الغريب والمنبوذ – المطران بولس (بندلي)
ثلاثة أناجيل رتبتها الكنيسة المقدسة للأحدين الماضيين وللأحد الحاضر. حدّثتنا عن نبذ انسان بسبب وضعه.
الانجيل الأول حدّثنا عن عشرة برص شفاهم الرب يسوع، فلم يرجع ليشكر الله على شفائه الاّ واحد منهم وكان “سامرياً” ويسميه الرب “أجنبياً” أي غريباً “لأن اليهود كانوا لا يخالطون السامريين” (يوحنا 10:4) أي كانوا يعتبرونهم غرباء عنهم لمجرد كونهم سامريين.
ونسمع الرب يتوجه اليه قائلاً له: “قم وامضِ، ايمانك خلّصك” (لوقا 19:17). مؤكداً هكذا أن من يعتبره اليهود غريباً يكون قادراً أن يؤمن ويدخل هكذا جماعة المؤمنين بواسطة الشكر الذي وجهه الى من شفاه.
وأما الانجيل الثاني فحدّثنا عن عشار، بل عن رئيس للعشارين وهو زكا (لوقا 1:19) من يقول عشاراً كان يقصد بهذا التعبير خاطئاً يجب أن يُنبَذ، أن يُخرج خارج الجماعة واذ نظر اليه الرب يسوع وطلب اليه أن يسرع وينزل لأنه يريد المكوث في بيته (لوقا 5:19) فتدخل الناس الظانون أنهم بلا خطيئة ليستنكروا دخول الرب الى بيت رجل خاطئ يجب أن يُنبذ -فالتوبة الصادقة التي أظهرها زكا كافأها الرب بالاعلان “ان الخلاص قد حصل في بيته اذ هو أيضاً ابن ابراهيم” (لوقا9:19) فكسر يسوع الطوق وأكّد أن زكا لم يعد “منبوذاً” وأصبح بيته مكان خلاص أكيد.
وأما في الانجيل الثالث الذي سمعناه اليوم فنرى الرب يسوع يواجه امرأة وثنية فيستعير في كلامه لها الصفات التي كان ينسبها اليهود في تعاملهم مع الوثنيين وابتدأ يقول لها انها من خارج القطيع البشري الذي “جاء من أجله” (حسب زعم اليهود) فتستمر بطلبها وبطلب المعونة منه فينتقل الى تسميتها “كلبة” (كما كان يزعم اليهود) فتتقبل هذا الكلام وتؤكد أنها تنتظر الفتات المتساقط من مائدة “البنين” (حسب زعم اليهود أيضاً) فيعلن لها الرب قائلاً: “يا امرأة عظيم ايمانك فليكن لك كما تريدين” (متى 28:15).
وكانت النتيجة أنها بامتحان ايمانها هذا الذي اجتازته مع كل صعوبته تؤكد أنها بالفعل بنت الايمان الأصيل وتقدمت على الذين كانوا يعتبرون أنفسهم “أبناء” وكانت ابنة لله حسب قلبه ومشيئته.
هذه الأناجيل الثلاثة نتأملها ونقول:
هل يُسمح أن يُصنّف الناس غرباء مجرد أنهم يحملون اسماً معيناً؟ هل يُسمح بأن نفكر بالتالي أنهم محرومون من رحمة الهنا وكأنها لم توجد من أجلهم؟
ينبغي أن ننتبه الى ذلك، الله ليس في “جيبة” أحد. الله نمتلكه جميعنا بقدر ما نحن نتوب اليه ونكون أوفياء لمحبته فنحاول أن نعيشها تجاه كل انسان آخر.
بعد أن أصبح الرب الاله بتجسده وتنازل الى غربتنا أخاً لكل واحد منا وقريب الى كل انسان، لا يسمح أن يكون انسان غريباً أو منبوذاً الاّ بالشر الذي يقوم به وبالتالي نقترب اليه ونتبناه باسم المسيح الذي بمحبته سيرحمه ويرحمنا. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 5 – في 1 شباط 1998
أحــــــــد الكنعــــــانية
القديـس تريفن