الوحدة المرجوة – المطران بولس (بندلي)
يبتدئ اليوم أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس ونحن مدعوون أن نتأمل ملياً بهذا الموضوع الأساسي الذي صلى من أجله الرب يسوع المسيح نفسه قبل آلامه الخلاصية فارتبطت الوحدة بصليب مات عليه الهنا المتجسد لكي يجعل الاثنين واحداً ويهدم سياج العداوة المتوسط.
نحن مدعوون للصلاة من أجل الوحدة وعبر هذه الصلاة يُطلب منا أن ندخل معاناة السيد المتوجه الى الآب ليقول له: “أيها الآب القدوس احفظهم في اسمك الذين أعطيتني ليكونوا واحداً كما نحن” (يوحنا 11:17) فيعتبر جميع المؤمنين باسمه أنهم عطية الآب له ولا يريد أن تتفرق هذه العطية وتتشرزم فيصلي من أجل وحدتها، يصلي أن تكون هذه العطية واحدة على صورة وحدته مع الآب لأنه يعرف أن وحدة كهذه هي حقيقية وثابتة، اذ هي مبنية على المحبة الكائنة في الثالوث المقدس حيث الآب يحب الابن ويكشف له ذاته والروح القدس يشارك المحبة الالهية هذه فيدخل مع الآب والابن في وحدة أزلية أبدية تغلف بالنعمة الالهية البشر وتجعلهم متحدين بعضهم ببعض بوحدة الروح ومحافظين على رباط السلام. هذه هي الوحدة الحقيقية بين المؤمنين المدعوة أن تكون على مثال وحدة الهية بقدر طاقة البشر أن ينقلوا صورة خالقهم البهية وأن يعيشوا على مثاله الحي فيهم.
ونلاحظ في صلاة الرب يسوع أنه يتابع ويطلب الى الآب “أن يكون الجميع واحداً كما أنك انت أيها الآب فيّ وأنا فيك ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا ليؤمن العالم انك أرسلتني” (يوحنا 21:17) وهنا يلفتنا الكلام الالهي أن الوحدة المطلوبة لن تكون حقيقية الاّ اذا كانت قائمة في الله، أي أنها ليست وحدة اجتماعية بحتة. اذا كانت قد تمّت في الله فهو يضمن أن تكون غير مبنية على “مصالح بشرية” واهية تتغير “التحالفات” فيها حسب تفكير هذا العالم المتقلّب. الله هو ضمانة استمرار هذه الوحدة ولذلك رأيناه يشدد على وحدة مقدسة بين المؤمنين تقوم فيه فيعطيها ثباتاً غير متزعزع الى الأبد.
هذه هي الوحدة التي نصلي من أجلها، ان كنيستنا المقدسة تضرع في طلباتها من أجل سلام العالم وحسن ثبات كنائس الله المقدسة “واتحاد الجميع” وتلتمس بعد تقديس القرابين “الاتحاد في الايمان” المرتبط بشركة الروح القدس، هذا ما نحن مدعوون أن نصلي من أجله مشاركين الحَمَل الالهي المذبوح من أجل ان يجمع أبناء الله المتفرقين الى “اتحاد واحد” يرويه دم زكي مسفوك على الصليب من أجل أن نُضَم معاً اليه.
الا أهلنا الله أن نرى الرعية الواحدة مجتمعة حول راعيها الواحد. آمين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 3 – في 18 كانون الثاني 1998
القديسان أثناثيوس وكيرلس