سلم الفضائل – المطران بولس (بندلي)
في هذا الأحد الرابع من الصوم الأربعيني المقدس نعيّد لقديس اسمه يوحنا وقد كتب مؤلفاً روحياً مهماً يدعى “سلم الفضائل”.
هذا الكتاب يقدم لنا الارتقاء الروحي بشكل صعود على سلم مؤلفة من ثلاث وثلاثين درجة تذكرنا بالسلم التي رآها يعقوب منتصبة بين أرضنا حيث نحن معرضون لكل ضعفات طبيعتنا البشرية وبين سماء من حيث انحدر الينا الهنا الواهب ايّانا نعمته وقوته القادرة -اذا شئنا تقبّلها- ان تقوّي ضعفنا وترفع أنظارنا الى فوق من حيث يأتي عوننا.
ماذا تعني هذه السلم؟ انها ترمز الى جهاد مستميت نحن مدعوون اليه. انها تقدم لنا التسلق الى أعلاها، تسلّق يذكرنا بصعود الرجال الأربعة على سقف بيت فيه الرب يسوع لينقبوا السطح ويدلوا رفيقهم المخلع أمامهم (انجيل الأحد الثاني من الصوم) والله أعلم بالمخاطر الجسيمة التي تعرضوا لها ولكنهم كانوا “مصرين” : يجب أن يصل مريضهم الى من يشفي أمراض الروح والجسد بكلمة “أمر” واحدة يتفوه بها فلا ترجع دون أن تحقق هدفها. والسلم تذكرنا بوضوح بارتقاء السيد على الصليب طوعاً لكي يجذبنا اليه مع الجميع الى صليب كريم لم يقبل أن ينزل عنه المصلوب الالهي مع كل تحديات صالبيه بل بقي مسمراً عليه لكي يتمّ الخلاص. أليس هذا الصليب الذي دعانا الهنا ان نحمله ونرتفع عليه؟ أليس هذا الصليب الذي رفعته الكنيسة في الأحد الثالث من الصوم فدعتنا أن نرتقي نحوه مؤكدة غلبتنا به، معلنة قيمة جهادنا اذا شئنا أن نضمه اليه، فيعطينا نحن البشر قيمة لن تعود معرّضة لمساومات هذا العالم.
ان جهاد الصعود على السلم المنصوبة أمامنا ليس سهلاً وخاصة اننا معرّضون، اذا ما وصلنا الى أعلى الدرجات، ان نسقط الى أسفل وكأن أتعابنا ضاعت فجأة، لكننا لن نيأس، فالسلم الذي نسقط على درجاته قد انحدر عليه الهنا ليس -في وضع “سقوط”- حاشا، فهو المانح الواقعين القيام كما سننشد في الفصح المقدس -لكنه انحدر عليه ليفتقدنا في ضعفنا “نحن” ولكي ينقذنا من سقطاتنا “نحن” -تنازل الينا وحلّ فينا لكنه فتح الطريق وجعلها سالكة في الاتجاهين فسمح للملائكة الخاصة له أن تصعد وتنزل على ابن البشر ومكّن الانسان -اذا شاء- أن يصعد السلم بثقة بأن ضعفه يقويه الاله القادر أن يثبته وانه لو استحوذ عليه ضعفه ستبقى يد فاديه ممدودة اليه. واذا ما قبل بها يستطيع، بنعمة الله، أن يرتقي غالباً ضعفه البشري.
فهذا هو الصعود الصابر، الشجاع الذي يدعونا اليه كاتب سلم الفضائل. أهلنا الرب الاله أن نبقى محدقين الى فوق حتى نتابع جهاد حياتنا بكل امانة ناظرين الى رئيس الايمان ومكمّله يسوع المسيح له الكرامة والسجود الى أبد الآبدين.
مطران عكار وتوابعها
+ بولس
العدد 13 – في 29 آذار 1998
أحـــد القديس يوحنا السلمي