وفدا من الكنيسة الانطاكيّة الارثوذكسيّة في الولايات المتحدة الامريكية يزور القدس
نقلاً عن دنيا الوطن
وصل الى مدينة القدس وفد كبير من ابناء الابرشية الارثوذكسيّة الانطاكيّة في الولايات المتحدة الامريكيّة ضمّ 100 شخص من ابناء الكنيسة الانطاكيّة في منطقتي نيويورك ونيوجيرسي وهم من اصول سوريّة ولبنانيّة واردنيّة وفلسطينيّة وعراقيّة، وقد وصلوا الى مدينة القدس في زيارة حجّ الى الاماكن المقدّسة تستغرق 10 ايام .
وقد استهلّ الوفد زيارته للاراضي الفلسطينيّة للقاء مع سيادة المطران عطا الله حنّا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس الذي استقبل الوفد في كنيسة القيامة مقدّما لهم بعض الشروحات والتوضيحات المتعلقة بتاريخها واهميتها الروحية والدينية والعقائدية، كما اقيمت الصلاة امام القبر المقدس من اجل فلسطين ومن اجل السلام في سوريا وفي سائر ارجاء مشرقنا العربيّ ومن اجل المطارنة السوريّين المخطوفين .
وقد استقبل سيادته الوفد في الكاتدرائية المجاورة حيث قدّم حديثا روحيّا امام الوفد معربا عن سعادته لوصول هذا الوفد الاتي الينا من الكنيسة الانطاكيّة الشقيقة، هذه الكنيسة المتألمة بآلام ابنائها ومعاناتهم وما يمرّون به من ظروف مأساويّة .
وقال سيادته بأننا نودّ التعبير عن تضامننا مع الكرسي الانطاكيّ المقدّس هذا الكرسي الرسولي العريق ونحن نتابع بألم وحزن ما يحدث في سوريا وفي العراق وفي غيرها من الاماكن من استهداف للابرياء وتدمير ممنهج للصروح الثقافيّة ونسف لقيم العيش المشترك خدمة للاعداء الذين يضمرون الشر لقضايانا الوطنيّة وفي مقدّمتها قضيّة فلسطين .
لقد اتيتم من الولايات المتحدة الامريكيّة ومن الكنائس الانطاكيّة الموجودة هناك لكي تزوروا الاماكن المقدّسة في فلسطين ولكي تتذكروا من خلال هذه الزيارات افتقاد الربّ لنا وما قدمه للانسانيّة من اجل تقديسها وافتدائها ونقلها من حالة الظلام الى حالة النور ومن حالة الخطيئة الى حالة القداسة والنعمة .
فإذا ما كانت الكنيسة الانطاكيّة وكما يقول الكتاب المقدس هي اوّل مكان سمّي فيه المسيحيّون بهذه التسمية، فإنّ مدينة القدس تبقى المدينة المقدّسة التي قدّم فيها المعلّم والفادي والمخلّص كلّ ما قدّمه للانسانيّة، ففي كنيسة القيامة نعاين مكان الصلب ومكان الدفن والقيامة وعلى جبل الزيتون نعاين مكان الصعود وفي العلّيه نعاين مكان العنصرة حيث انسكبت نعمة الروح القدس على التلاميذ وانطلقوا بعدئذ الى مشارق الارض ومغاربها مبشرين بالايمان والقيم المسيحية .
ان مدينة القدس هي المركز المسيحيّ الاوّل في العالم ومع احترامنا لكافّة المراكز المسيحيّة شرقا وغربا تبقى مدينة القدس وارض فلسطين المقدّسة هي المكان التي تجسدت فيه محبّة الله للانسان، فعندما تأتون الى القدس تعودون الى جذوركم واصولكم الايمانيّة فمن هنا كانت البداية ومن هنا كانت الانطلاقة وهنا قال الرب وهو معلّق على خشبة الصليب ” قد تم ” اي ان كل شيء قد تم هنا .
المسيحيون الفلسطينيون فخورون بانتماءهم لهذا التراث الروحي وهو امتداد طبيعي لهذه الكنيسة الاولى التي وصفها الدمشقي يوحنا بأنها ام الكنائس، المسيحيون الفلسطينيون وان كانوا قلة في عددهم بسبب ما ألم بهم من نكبات ونكسات حلت بكل شعبنا الفلسطيني الا انهم حريصون على ان يكونوا ملحا وخميرة لهذه الارض .
المسيحيون الفلسطينيون لن يتنازلوا عن ايمانهم وعن انتماءهم لكنيستهم التي يفتخرون بأنهم من ابنائها ولكنهم في نفس الوقت يفتخرون بانتمائهم الوطني للشعب الفلسطيني المناضل والمقاوم من اجل الحرية واستعادة الحقوق وتحقيق امنيات وتطلعات شعبنا الفلسطيني.
المسيحيّون الفلسطينيّون وان كانوا قلّة في عددهم الاّ انّهم عنصر اساسيّ وفاعل من نسيج مجتمعنا الفلسطينيّ، فلا يمكننا ان نتحدث عن فلسطين وعن شعب فلسطين دون ابراز الحضور المسيحيّ والبعد المسيحيّ الاصيل جنبا الى جنب مع اخوتنا المسلمين شركائنا في الانتماء لهذا الشعب وشركائنا في الدفاع عن حقوقه .
لن يكون هنالك ربيع عربيّ الا من خلال حريّة شعبنا الفلسطينيّ، ومن اوجدوا لنا هذا الربيع العربيّ المزعوم ربيع الدمار والعنف والارهاب انما هدفهم الاساسيّ هو الا يكون هنالك ربيع عربيّ حقيقيّ بتحرير فلسطين واستعادتها .
ان ما نشهده في وطننا العربي ليس ربيعا وليس عربيا على الاطلاق بل هو ربيع اعدائنا المتآمرين علينا وعلى قضايانا الوطنية والذين همهم الاساسي هو تصفية القضية الفلسطينية وشطبها بشكل نهائي .
يريدوننا ان نتنازل عن القدس وهذا لن يحدث ويريدوننا ان نتنازل عن فلسطين وهذا لن يحدث ويريدوننا ان نرضخ لاملائاتهم وللوقائع الذي يرسمونها لمنطقتنا وهذا ايضا لن يحدث .
يحزننا ويؤلمنا ما حلّ بسوريا الشقيقة نتيجة هذه المؤامرة الكونيّة التي هدفها الاساسيّ هو تدمير هذا القطر العربيّ الذي تميّز بحضارته ورقيّه وتاريخه وهويّته العربيّة الاصيلة، من يدمّرون في سوريا وينفقون من اموالهم من اجل هذا الدمار والخراب هم ذاتهم المتآمرون على القضيّة الفلسطينيّة، ومن يدمّر في العراق وفي اليمن وفي ليبيا وفي غيرها من الاماكن انّما لا يريد الخير لهذه الامة، بل يسعى لخدمة اعدائها المتآمرين على قضاياها الوطنية .
لقد تميّزت الابرشيّة الانطاكيّة في امريكا الشماليّة بأساقفة خدموها ورعوا شؤونها وتحلّوا بالوطنية الصادقة والثقافة الرصينة والمعرفة الحقيقيّة، فكان اوّل الاساقفة المطران رفائيل هواويني هذا العلاّمة الذي كتب باللغة العربيّة وقدّم للمكتبة الارثوذكسيّة والمسيحيّة بشكل عام الكثير من الكتب القيّمة، ونذكر المطران انطونيوس بشير الذي كتب وألّف ونقل الشعر والادب فكان بارعّا في الحفاظ على الثقافة العربيّة مؤكّدا على عروبة المسيحيّين وتعلّقهم بأصالتهم وتاريخهم وجذورهم، ونذكر بشكل خاص المثلّث الرحمات المتروبوليت فيليب صليبا الذي التقيناه مرارا وتكرارا وقد حمل في قلبه محبّة لفلسطين التي كانت حاضرة معه في كلّ خدمة وصلاة ودعاء وكلمة .
انتقل عنا وكانت في قلبه غصّه على ما يحدث في سوريا وهو في السماء يدعو ويصلّي من اجل سوريا ومن اجل فلسطين ومن اجل السلام في هذه المنطقة المعذبة، أما اليوم فراعيكم هو سيادة المطران جوزيف زحلاوي الذي نعرفه ونعرف حماسته ومحبته وانتماءه لكنيسته ورغبته الصادقة في ان يسمع الصوت الارثوذكسيّ في امريكا المنادي بالعدالة والحريّة واستعادة الحقوق السليبة لشعبنا الفلسطينيّ كما انّ سوريا بآلامها وجراحها حاضرة معه ومع كافّة ابناء الكنيسة الانطاكيّة في امريكا الشماليّة.
نرحّب بكم في مدينة القدس المدينة التي يقدسها ابناء الديانات التوحيديّة الثلاث، المدينة التي تتميّز عن باقي المدن فهي قبلتنا ومعراجنا الى السماء وحاضنة مقدّساتنا وتراثنا الروحيّ والانسانيّ والوطنيّ.