الصوم الأربعيني المقدس- المطران بولس (بندلي)
أيها الأحباء،
نلج غداً في فترة مقدسة في حياتنا!
ندخل المسيرة الخلاصية التي تقودنا إلى موت المسيح على الصليب من أجلنا ودفنه الثلاثي الأيام وقيامته من بين الأموات غالباً موتنا وواهباً الحياة للذين في القبور.
صومنا هذا مدعوٌ أن يكون فترة نستنير بها بنور الرب وخلافاً لما يقوله الناس بأنها وقت حزن وكآبة، زمن نوح وبكاء فهي مجال لنور لا يطفأ ولفرح لا ينزعه أحد منا ولذلك شدد الرسول بولس، في الرسالة التي تُليت على مسامعنا وهي موجهة إلى أهل رومية، على أن الليل قد تناهى ويعني بالليل ظلام خطايانا، واقترب النهار ويعني بالنهار ذاك الذي يشرق فيه نور المسيح، المضيء للجميع والذي لا تغرب شمسه أبداً.
نعم أيها الأحباء، نحن مدعوون أن ندخل نهاراً أبدياً سترافقه الكنيسة المقدسة في خدمها فتنشد “الهليلويا” وأناشيد النور في صلوات السَحَر وأما في قداس القدسات السابق تقديسها فيباركنا الكاهن بصليب الرب، غاية صومنا، ملتصقاً بشمعة مضاءة وهاتفاً بنا “لننتصب بحكمة، نور المسيح مضيء للجميع”.
ولذلك نسمع الرسول يتابع حثَّه لسامعيه ولنا قائلاً: “فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور”.
ان نور المسيح مضيء للجميع دون استثناء. المطلوب منا أن نخلع أعمال الظلمة! هذا ليس أمراً سهلاً لأن المطلوب منا ليس خلعاً لألبسة عادية نرتديها بل أن ننزع من حياتنا، بقوة نعمة الله، أعمالاً تغرّقنا في ظلمة دامسة كونها تبعدنا عن نور المسيح ويذكرها بولس في سياق رسالته ذاكراً البطَر والسَكَر والزنى والعهر ومشدداً بنوع خاص على أهمها وهي الخصام والحسد. ليس سهلاً أن نتخلص منها لذلك يشدد على كلمة “خلعها” أي انتزاعها انتزاعاً ليس بقوتنا البشرية الواهنة ولكن بانتصار الله في ضعفنا اذ يقول لنا كما قال لرسول الأمم “تكفيك نعمتي ان قوتي في الضعف تكمل”.
ولذلك شدد الرب يسوع في الإنجيل المقدس الذي رتبته الكنيسة المقدسة ونحن على عتبة الصوم الأربعيني المقدس، على أن نغفر للناس زلاتهم تجاهنا وهي موجودة وكثيرة ومؤلمة، فندخل هكذا خط محبة الله الغافر لنا زلاتنا تجاهه وهي أكثر بكثير بما لا يُقاس وقد سُمِّر إلهنا على الصليب لأجل أن يرفعها عنا، محتملاً ما لا يوصف من الآلام والجراح كي يشفي آلامنا وجراحنا.
دعوة الرب لنا أن نغسل وجهنا وندهن رأسنا ونحن صائمون كي يصبح صومنا طريقاً لنا نرافق فيه اخوتنا أي كل البشر فنصل معهم للسجود لآلام السيد الخلاصية وأنوار قيامته المجيدة الا أهلنا الله لها. آمين.
العدد 11 – في 12 آذار 2000
أحـــــــــــد الغفــران
(مرفع الجبن)