بدء صوم الميلاد – المطران بولس (بندلي)

mjoa Friday September 23, 2016 159

بدء صوم الميلاد  – المطران بولس (بندلي)

يوم الأربعاء الماضي دخلنا فترة صوم الميلاد التي تمتد على أربعين يوماً تُعِدُّنا الكنيسة المقدسة خلالها لاستقبال عيد تنازل ابن الله الوحيد، الإله من الإله، النور من النور، الذي تحرك من علياء سمائه نحو أرضنا الرازحة تحت ثقل خطايانا وهفواتنا والمنتظرة معنا نحن القاطنين فيها افتقاداً من رحمة إلهنا المشرق للمشارق.

أيها الأحباء، نحن مدعوون أن نعي أهمية المسيرة التي دخلناها، الصوم المبارك الذي تواكبه الصلاة هو سلاح مهم في الجهاد الروحي الذي ولجناه -اللافت هو ان الصوم وسيلة هامة قال عنها الرب يسوع انه بها، إذا استعملت بإيمان تستطيع حياتنا أن تتنقى من أدران الخطيئة فنتقوى بنعمة الله ونستطيع أن ننقلب على الشرير، لكننا ونحن نصوم، وهذا موقف الكنيسة المقدسة، نحن مدعوون أن ننظر إلى طفل مولود من عذراء كلية القداسة وموجود في مزود للبهائم وملفوف بأقمطة. فاذا لم نرى الوضع الذي شاء الطفل الإلهي أن يولد به، فنحن معرضون أن نقطع هذه الفترة المقدسة، ولو دعوناها فترة “صوم الميلاد” دون الانتباه إلى ذاك الإله الذي هو وحده يعطي معنى لعيدنا هذا لأنه عيد تنازله الينا.
علينا أن ننتبه الاّ نفرغ العيد من معناه الذي يعطيه اياه “صاحب العيد” الرب يسوع المسيح وهل يبقى للعيد المعنى إذا لم ننظر إلى صاحبه؟
لنتصور تشبيهاً بسيطاً! أنتم مدعوون للإشتراك بعيد ميلاد (بشري) لأحد أعزائكم -تقصدون المكان الذي يقام فيه عيد الميلاد المذكور، ولكنكم عوض أن تعبّروا عن مشاعركم تجاه عزيزكم صاحب العيد، تلتهون عنه بالالتفات إلى التفاصيل المادية التي ترافق الاحتفال وهكذا تتعرضون أن تلتهي أفكاركم عن صاحب العيد وأظن انكم توافقون أنه في هذه الحال أنتم لم تعيّدوا أبداً لأنكم نسيتم صاحب العيد الذي يعطي بوجوده وبلقائكم معه القيمة الأساسية لتعييدكم.
علينا جميعاً في هذه الفترة المقدسة أن ننتبه إلى حاجتنا إلى الواحد الذي “اخلى نفسه آخذاً صورة عبد، صائراً بشبه الناس”، علينا أن ننظر إلى رئيس الايمان ومكمّله يسوع، ولننتبه في هذه الفترة المقدسة بنوع خاص إلى صاحب العيد الذي، وفي المنطقة التي وُلد فيها، وفي مدينة بيت لحم بالذات أطفال أبرياء شاركهم السيد بولادته في مدينتهم يعانون من وطأة اعتداءات من عدو غاشم لا يرحم، فلا نستطيع أن ننظر حقيقة إلى الطفل الإلهي الذي آخاهم وآخانا، دون ان ننظر اليهم كصورة حية لمن تنازل أن يكون بوضع الطفل الهارب من أمام طغاة لا رحمة في قلوبهم ولا شفقة. نرجو وقد دخلنا صوم الميلاد المقدس أن يلتفت العالم إلى مأساة بشرية نستصرخ الضمائر العالمية أن تنتبه اليها لكي نستأهل جميعاً لاستقبال الطفل الالهي. آمين.     

العدد 47 – في 19 تشرين الثاني 2000
الأحـــد الثاني والعشرون بعد العنصرة

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share