كلمة ألقيت في دفن قدس الأب جاورجيوس حنا – المطران بولس (بندلي)
الكلمة التي ألقاها صاحب السيادة في دفن قدس الأب جاورجيوس حنا في الشيخطابا بتاريخ 13/4/2000
أخي السيد الفاضل المطران باسيليوس، يا مساهمنا الكبير في هذه الأبرشية المحروسة بالله، السيدان الرئيسان عماد الزين وبسام مولوي الحبيبان جداً، أيها الأحباء مع الكهنة الأجلاء والشماس الحبيب.
في مسيرة، هي مسيرة الآلام الخلاصية ولجناها بصومنا الأربعيني المقدس ونحن نتقدم يوماً بعد يوم من الآلام الخلاصية والموت والدفن الاختياري ولكن بعد كل ذلك القيامة من بين الأموات. يفتقدنا الرب بأخينا الخوري جاورجيوس. هذه المسيرة يا أحباء، الكاهن يلتزمها في حياته، ليس فقط في أيام الصوم الأربعيني المقدس، هي مسيرة حياته في كل يوم منذ أن كُرِّس بوضع اليدين البشريتين الحقيرتين لكنهما اليدان اللتان يعطيهما الروح القدس نعمة، فتعطى للمشرطن منذ يوم ينتدب الإنسان لخدمته الشريفة. فيقال له، أمام ضعفه البشري، ان النعمة الإلهية التي في كل حين للمرضى تشفي وللناقصين تكمل، هي تنتدب ضعفك لكي تقوم بخدمتك. منذ ذلك اليوم يدخل الكاهن خضم جهاد الآلام. آلام الكاهن لا تتصورونها أيها الأحباء، ربما البعض الذين أكثر بالقرب البشري منه، بالرفقة البشرية، وتحيطون أنتم الآن بهذا الخادم، تعرفون المعاناة الدائمة، الآلام الدائمة التي تنتاب خادم مذبح الرب. ربما بعض الأحيان يعطى أن يرتاح بأن يقول لكم شيئاً ما، لكن تأكدوا انه ما يبقى في قلبه أكثر بكثير مما أنتم تتمكنون أن تلاحظوه أيها الأحباء جداً بالرب، ولذلك الكاهن يعيش آلام السيد في كل لحظة من لحظات حياته، يعيش آلام السيد والآلام ليست أمراً سهلاً، الآلام تؤلم والآلام تتعب والآلام تعرِّض الإنسان لليأس، الآلام تجعل الإنسان يموت في كل يوم في خدمته ايها الأحباء. هذا أتذكره واياكم أيها الأحباء ونحن نودِع رحمة الله هذا الخادم الأمين لمذبح الرب. في حياة الكاهن لا حدود، في حياة الكاهن لا يستطيع أن يصنف الناس.طبعاً يوجد فيه الضعف البشري، ولكنه في ابتهال دائم وفي صلاة دائمة يا رب قوِّني، وأنت الكاهن في النهاية الوحيد قوِّني لكي أخدم مذبحك المقدس، لكي أخدم أولئك الذين أمنتني عليهم. يا أحبة، الكاهن يعيش هذا التوتر، استعمل كلمة بشرية اسمحوا لي، يعيش هذا التوتر البشري الذي في حياة كل انسان، يُسأل عن الآخرين لأنه لا يلتزم نفسه فقط، لا يقول يا رب نفسي فقط، أنا مسؤول عن كل انسان آخر. وتتسع عائلة الكاهن ممن أعطوا حوله مباشرة إلى الرعية الكبيرة الممتدة إلى اللانهاية. أيها الأحباء جداً بالرب، وأُعطي أبينا أن يعاشر صعوبات للناس ان كان في خدمة بشرية، مدنية مهمة جداً نعرف انكم رافقتموها فيها وبنوع خاص ايها الرئيسان الكريمان اللذان كان يلهج بمرافقته لكما باستمرار، كان يحمل هذه المسؤولية التي احطتموها بكل جدارة أحطموه بها. كان يحملها في ضميره إلى بيته، إلى كنيسته، إلى كل مكان وجد فيه ولذلك كانت المعاناة في حياة الخادم وكان خادماً في النطاق الذي شاركتموه فيه. ان هذه الخدمة لا محدودية لها في الوقت ولا في المعاناة، كان يقول بولس الرسول من أجلك نمات، نمات النهار كله. من يخدم مذبحاً روحياً ومن يخدم الحق في رعاية العدل الإلهي الممتد إلى العدل البشري، لأنه لا بد من صلة حميمة بين عدلنا على أرضنا والعدل الإلهي، حمل أبونا جاورجيوس، حمل ذلك في حياته وفي حياته كلها، والآن يا احباء، نحن أبناء قيامة لذلك، ولو شمل الألم قلوبنا جميعاً، لنا الرجاء ان الخادم الأمين يكون في عهدة سيده الرب يسوع المسيح الذي يقول حيث أكون أنا هناك يكون خادمي، فالخادم الأمين في النهاية يسمع صوت سيده يقول له كنت أميناً في القليل أجعلك أميناً على الكثير ادخل إلى فرح ربك.
أحبائي جداً،
ان ذكرى أبينا جاورجيوس أعرف جيداً انها ستبقى محفورة في قلوبكم، في قلوب جميع الذين عرفوه، في قلوب جميع الذين رافقوه، في قلوب جميع الذين عملوا معه ولذلك وكأنه يعطينا وصية يا أبناء رعيته، ويا جميع من التقوا في هذه الخدمة الجنائزية، في هذه الصلاة، يعطينا وصية: حاولوا أن تكونوا أمناء في عالم فيه التيارات العديدة، في عالم يقوى التجاذب فيه، في كل لحظة لنا قوة في ايماننا ان الله يقوى في ضعفنا ويعطينا الأمانة لكي نكون أمناء لذكراه.
انني أنقل اليكم أولاً يا أحباء تعزية ابينا وبطريركنا اغناطيوس الرابع بطريرك انطاكية وسائر المشرق الذي يدعو لكم جميعاً بتعزية حارة للرعية المباركة بقوة ونور وللعائلة الكريمة بنور سماوي يعزي القلوب. أشكر معكم سيادة الأخ الحبيب المطران باسيليوس والآباء الذين رافقوه من القسم السوري في أبرشية عكار وتوابعها، ان وجودهم بيننا أعطانا نعمة كبيرة في التعزية وكان لأبينا جاورجيوس أن أخذ بركة صلاة سيدنا باسيليوس في الأحد الماضي.
يا أحباء، انقل اليكم تعزية حارة، أنقل للعائلة الكهنوتية الحبيبة، لرفقاء أبينا جاورجيوس في الكهنوت تعزية المسيح، أنقل للعائلة الحبيبة التي أعرف انها ستبقى أمينة لأن عائلة أبينا جاورجيوس نعرف كيف تربت، يا خورية، لذلك ليس عندنا خوف ابداً ان تكمل هذه العائلة وابونا سيباركنا من فوق من عند الرب، أنا واثق من هذا الشيء، خسارتكم كبيرة أنا أتكلم بشرياً ولكن عندنا شفيع عند الرب يرعى هذا البيت ويرافق هذا البيت والاخوة العزاء، الأخت العزيزة الرعية كلها يا أحبة. كل هذه الرعية مجتمعة التي نسال لها مع مجلس رعيتها الساهر الدائم على خدمة كل ما يمكن ان يكون في هذه الرعية، نسأل لهم جميعاً رحمة عظيمة.
أما قضاؤنا الحبيب الذي، اسمحوا لي أن اقول لهم، كم هم يشاركوننا بهذا الألم وبهذه الصلاة ونحن نشاركهم أيضاً الألم لغياب هذا الوجه الحبيب المشارك لهم في الخدمة.
الله يعزي قلوبكم ويقويكم في خدمتكم بالعدل ويكون هذا العدل ان شاء الله دائماً منتصراً على كل باطل باذن الله. الله يرحمه ويعزي قلوبكم جميعاً. آمين.
العدد 16 – في 16 نيسان 2000
الأحـد الخامس من الصوم
(أحد القديسة مريم المصرية)