الأب مجدي علاوي مؤسّس “سعادة السّماء”:” أنا دابّة يسوع”
زينة الزيني – مركز طرابلس:
“الربّ يحبّ المعطي المتهلّل” (٢كور ٩: ٧)
العبرة من هذه الآية هي أنه بقدر ما يكون العطاء سخيًّا يكون مردوده الروحيّ كبيرًا بالنعمة الإلهيّة، وكلّما أعطى الإنسان بفرحٍ وقناعة إستنزل رضى الربّ عليه.
تجلّى التطبيق العمليّ لها من خلال العطاء الصادق بغية إسعاد الآخر وإدخال الطمأنينة إلى قلبه دون النظر إلى جنسه ودينه في جمعيّة “سعادة السماء”، التي تسعى الى نصرة المستضعفين والتخفيف من آلامهم وشعورهم بالنبذ والغربة.
وكانت سلسلة مطاعم “سعادة السماء” وليدة هذه الجمعيّة التي تعنى بالإنسان عامّة، الضعيف تحديدًا.
منذ بضعة أشهر جرى افتتاح فرع الميناء، الذي يهتم بتقديم وجبات الطعام مع العصير والحلوى لحوالي المئتي شخص يوميًّا، من إعداد طاقم مؤلف من حوالي ٤٠ متطوعًا يتناوبون في الخدمة وفق مجموعات تحت إشراف أخصائيّة في الطبخ.
وللوقوف أكثر على نشاطات الجمعيّة وسلسلة المطاعم الخيريّة المنتشرة في لبنان وخارجه، كان لنا لِقَاء فرع الميناء، مع خادمها قدس الأب مجدي علاوي، المُعتنق المسيحيّة، مؤثراً العيش في البراري حبًّا بالمسيح الذي التحق به لما لمس فيه من محبة للإنسان دون أي رادعٍ، واضعاً نصب عينيه الإهتمام بالفقراء والمتروكين.
إنطلاقاً من التعريف عن نفسه “بأنّه دابّة يسوع، الذي يحبّ أن يكون الخادم الأمين والمحامي المُدافع عن كلّ الناس، والسامري الصالح وسمعان القيرواني” كان لنا الحوار التالي معه:
– كيف لمس الربّ يسوع قلبكم، واتجهتم للمسيحية والكهنوت؟
لمس الربّ يسوع قلبي من خلال ٣ آيات من الإنجيل وهي “سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم” و “أحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم أنا” و “أحبب قريبك كنفسك”
التي دفعتني الى اعادة النظر في حياتي، حيث وجدت أن لا معنى لها بدون محبة أخي الإنسان، وأني مُذ أصبحت كاهنا وأنا أحاول أن أكون محباً للعالم.
-هل يمكنكم إخبارنا في أي رعايا خدمت؟
منذ سِيامتي الكهنوتية لم أخدم في أي رعية، بل في طرقات لبنان مرتئياً أن تكون مذابحي الناس المتعبة المتألمة والمعرفة والمظلوم والمساواة والمنحرفة، من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.
– كيف استنبطتم فكرة إقامة سلسلة مطاعم “سعادة السماء” وما هي الغاية منها؟
كم هو جميل أن تجتمع العائلات على مائدة الغذاء، ويؤسفني وجود الكثير منها في لبنان لا يمكنها ارتياد المطاعم.
إنطلاقاً من تقارير الأمم المتحدة وفي ظل معاناة بعض المناطق في طرابلس من الفقر المدقع الذي يمنع أغلبية سكانها من القيام بالنشاطات الترفيهية كافة، قررنا إفساح المجال لهذه الشريحة لزيارة المطاعم.
– هل تنوون إقامة فروع أخرى في الخارج؟
باْذن الربّ ونعمته.
– هل يمكنكم إفادتنا عن عدد فروع مطعم سعادة السماء في لبنان؟
يوجد ٢٨ فرعاً يتوزعون على كافة الأراضي اللبنانية، وابتدأنا مؤخراً العمل في السويد وأميركا وأستراليا وكندا.
– كيف تقبلت الناس فكرة إقامة مطاعم “سعادة السماء”، وفي الميناء على وجه التحديد؟
كما رأيتِ، جاء المتطوعين والروّاد من قلب المجتمع، ويوجد لدينا صحن يومي وسعره كلمة “شكرًا”.
– كيف يمكن لأبناء رعيّة الميناء المساعدة في هذا المشروع؟
أننا نرحّب باي مساعدة من أحبائنا في الميناء، يمكنهم فعل ذلك عبر التواصل مع ممثل جمعية سعادة السماء في الشمال السيد روبير أيّوب وتحديد وجه الخدمة التي يودون العمل فيها، ويطيب لي في هذه المناسبة التنويه بأننا بصدد التحضير لافتتاح مطاعم عدّة في لبنان الشمالي.
– بمن تأثرتم في هذا العمل كشهود للمسيح؟
قال الرب يسوع : “كنت جائعاً فأطعمتموني” وأن الجوع لا يميّز بين الناس على اختلاف أجناسهم وطوائفهم.
– هل من كلمة أخيرة تودّون توجيهها لنا أبانا؟
بقدر ما نحب يمكننا تغيير هذا العالم.
وعلى هامش اللقاء، كان لنا استطلاع لرأي بعض الأخوة الحركيّين المُنخرطين في الخدمة، الذين أرادوا ترجمة تعاليم الإنجيل عبر مشاركة أبناء مجتمعهم في آلامه ومشاكله:
بدايةً نوّهت الأخت فيوليت واكيم من فرقة بهاء الربّ في فرع الميناء بأنّه لدى افتتاح المطعم كانت تراودهم فكرة إقامة مشروع مماثل، ممّا شجع الإخوة فيها على التطوّع في أعماله.
وتابعت بأن هذا العمل منحها غِبطة الخدمة والعطاء وفتح لها آفاق عيش تعاليم الإنجيل على الأرض، فضلاً عن الإطلاع عن كثب على مدى حاجة بعض الناس وبخاصة الصِغار منهم للإهتمام ومنحهم الشعور بأنهم بين أهلهم.
كما التقينا بالأخ جوني رملاوي من فرقة السراج المنيّر الذي أثنى على هذه الخبرة، واصفاً إياها بالرائعة خاصة عند تلمس الإمتنان في وجوه زوار المطعم، وأن الخبرة مع الأب مجدي أعادت له ذكرى الأخ كوستي بندلي مشجعاً الجميع على خوض هذه التجربة التي وصفها بالرائعة.
بدورها أبدت الأخت ر.د أنطباعها مركزة على أن عملها هذا أتاح لها التواصل مع كافة شرائح مجتمع الميناء وتحديدًا مع الفقراء والمعذبين ومعرفة مشاكلهم وهواجسهم.
وفي الخِتام توجّهنا بجزيل الشكر لقدسه على منحنا فرصة اللقاء معه انتهاءً بالتقاط بعض الصور من أجواء المطعم.