جهاد القديسين- المطران بولس (بندلي)
ان فصل الرسالة المتلوة على مسامعنا في هذا اليوم المبارك الذي هو الأحد الأول من صومنا الأربعيني المقدس، يكشف لنا جهاداً كبيراً خاضه القديسون عبر الأجيال التي سبقت مجيء الرب يسوع إلى العالم -فالايمان بالله دفع أولئك المجاهدين أن يرفضوا التمتع بالخطيئة والخطيئة كانت في رفض محبة الآخرين، فالمؤمنون بالله، اذ كانوا ينظرون إلى الرب يسوع المسيح الفادي الذي ينتظره العالم أجمع، كانوا يفضلون “عار المسيح” على “التمتع الوقتي بالخطيئة” أي أنهم فضلوا أن يتحملوا العذابات مع شعب الله على أن يتمتعوا بغنى تقدمه لهم الخطيئة. فشعب الله لم يكن مؤلفاً من ذرية بشرية منحدرة من انسان بل كان مجموعة أولئك الذين يجاهدون كي يتقبلوا المسيح مخلص العالم. وانتسابهم هذا إلى شعب الله كانت ترافقه العذابات والضيقات والشدائد والموت كي يتجلى فيهم هذا العار الذي سوف يتحمله فاديهم المنتظر على صليب تقودنا هذه الأيام الخلاصية بنوع خاص إلى السجود له،
هذا الصليب الذي كان مكتوباً عليه “ملعون كل من علّق على خشبة” والذي بصلب المسيح عليه ستتحول عليه وبه اللعنة القديمة إلى “بركة ابراهيم” تلك البركة التي أعطاها الله لأبي الآباء عندما قال له: “من نسلك ستتبارك جميع الأمم”.
ان اللوحة التي تقدمها لنا رسالة هذا اليوم ترسم لنا مشقات كثيرة وآلام مبرحة يرافقها صبر كبير ورجاء مركز على الوعد الإلهي الذي لا يتراجع أبداً في مضمونه ولذلك ونحن في جهاد صومنا هذا، نحن مدعوون أن ننظر إلى “رئيس الايمان ومكمله يسوع” لأنه وحده يعطينا قوة الجهاد والصبر اللذين رافقا أولئك الناس الذين كانوا من لحمنا ودمنا والذين يشكلون معنا جسداً واحداً رأسه المسيح ولذلك رتب الله أن لا يأخذوا أجرتهم الكاملة الا معنا في اليوم الذي يدين فيه ربنا الأحياء والأموات.
نحن مدعوون أن نتابع المسيرة برفقة أولئك القديسين. والكنيسة المقدسة أمنا المدعوة “شركة القديسين” تدعونا أن نتابع مسيرة صومنا هذا بكل أمانة كي نصل معاً إلى غاية صومنا فنتحد بيسوع ختن نفوسنا ممجدين اياه إلى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
العدد 9 – في 4 آذار 2001
الأحـــد الأول من الصوم
أحد الأرثوذكسية