“جاءوا اليه مقدمين مفلوجاً يحمله أربعة” (مر2:3) – المطران بولس (بندلي)
انجيل هذا النهار يذكر لنا هذه الآية -فبعدما قُدّم لنا الرب يسوع موجوداً في بيت في كفر ناحوم وبعد أن وُصف كيف اجتمع للوقت كثيرون حتى أن الوصول الى الرب لم يعد ممكناً بالطريقة الاعتيادية، أي عبر باب البيت، بسبب ازدحام الناس لكي يستمعوا الى الكلمة التي كان يخاطبهم بها.
واذ بالرجال الأربعة يأتون الى يسوع، ليسوا لوحدهم، ربما كان ذلك أسهل عليهم، لكنهم “يحملون” اليه “مفلوجاً” لا يستطيع أن يتحرك بنفسه، وقد وضعوا أيديهم وأرجلهم في خدمته لكي “يصلوا” به الى الطبيب الالهي الشافي لأوجاع البشر.
يا لعمل مبارك يقومون به! لا يأبهون بصعوبة مهما كانت -همهم أن يصلوا بمريضهم اليه- هم “وجدوه” ولكن ذلك لا يكفيهم وكأنهم فهموا وشعروا أن وجودهم ايّاه سيبقى “ناقصاً ” ان لم يصلوا بمفلوجهم اليه ها هم يجدون الطريق غير سالك فلم يتوانوا ولم يتراجعوا عن قصدهم المبارك صعدوا الى السطح وكشفوا السقف ونقبوه وأخيراً دلّوا السري الذي كان المريض مضطجعاً عليه، دلّوه امام السيد المتحنن وكأن همهم الأوحد أن يكتشفه صديقهم “فيجده” أمامه متحنناً عليه وهكذا يصل “اكتشفاهم ليسوع الى ذروته. فوجدوه حقاً الهاً متحنناً غافراً ذنوب البشر وصافحاً عن خطاياهم وشافياً بسلطانه الكلي أمراضهم.
أيها الأحباء سعينا الحثيث ، وبنوع خاص في هذه الفترة الخلاصية المباركة، أن نجد يسوع، لن يتم حقاً الاّ اذا أتينا اليه بإخوتنا ونحن “نحملهم” -السعي اليه لا يمكن أن يكون “أنانياً”- اذا غرقنا في ضباب “أنانا” لن نجده أبداً. عندما افتقدنا أتى ليخلص العالم “كله”، لم يستثني أحداً البتة. ولذا فبمقدار ما نفكر بحمل اخوتنا اليه بمقدار ما نجده أكثر فأكثر. ونحن نعرف أن حملنا الناس اليه لن يكون سهلاً، فهناك أبواب موصدة، لن نقف امامهم مكتوفي الأيدي،سنصعد الى السطح حاملين آلام وهموم من تضعهم العناية الالهية في طريقنا، سننقب السطح بمعونة من ينتظرنا داخل البيت، لن نخاف اذا ما زلّت قدمانا، فمن نأتي اليه لن يدع أرجلنا تتعثر، لن نتراجع امام ثقل السرير المطروح عليه مرضانا، لأنه هو الذي دعا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال أن يأتوا اليه لكي يريحهم، لن نخاف من ثقل خطايانا لأنه سيبادر، بنعمته المخلصة، قبل شفاء الجسد، أن يعلن لنا مغفرته لها اذ يغسلها بدمه الالهي، لن يترك أمراضنا تستفحل بنا بل يشفيها بكلمة واحدة.
أيها الأحباء ان الهنا المتحنن لن يتركنا أبداً -فلنودع بين يديه ذواتنا وبعضنا بعضاً فهو الذي يقوي ضعفنا ويشفي أمراضنا فنتابع بنعمته مسيرة الخلاص بسلام. آمين.
نشرة البشارة
العدد 10 – في11 آذار 2001
الأحـــد الثاني من الصوم
أحد القديس غريغوريوس بالاماس