تحنن الله وأنانية البشر – المطران بولس (بندلي)

mjoa Tuesday December 13, 2016 134

تحنن الله وأنانية البشر – المطران بولس (بندلي)

في المقطع الإنجيلي الذي رتبته الكنيسة المقدسة لهذا اليوم المبارك نجد أمرين مختلفين تماماً نستطيع أن نصفهما أنهما بعيدين كل البعد عن بعضهما البعض. من جهة نجد أنانية البشر الظاهرة جلياً عندما نسمع المخلع الموصوف في المقطع الإنجيلي يقول للرب يسوع: عندما يتحرك الماء ينزل قبلي آخر فيشفى هو وأنا أبقى على حالتي. هذا التسابق إلى الشفاء يُفهَم بشرياً ولكن صورته قاسية جداً إذ أنه ينصب أمام أعيننا كم كانت قاسية مواقف أولئك المتواجدين حول المخلع، لم يشفق عليه أحد ليدفعه إلى الماء عند تحريكه، بقي ثماني وثلاثين سنة يستعطي الشفاء من رحمة بشرية التي تقوقعت على نفسها ازاءه…

فلم تلق عليه نظرة اشفاق البتة بل تركته يتخبط في أسقامه وضعفاته. وأضاف بعض الحاضرين أمراً متوحشاً آخراً وكأنهم زادوا مكيلاً آخراً، وفقدوا كل روح إنسانية وأقدموا إلى المخلع و”صرحوا” له قائلين: لا يحق لك أن تحمل سريرك لأنه يوم سبت يمنع فيه العمل… القساوة تتزايد وتأخذ حجماً كبيراً، انهم يريدون أن يبقى المخلع يوماً آخر على السرير بعد نومه القسري عليه مدة طويلة جداً.
وإذ بإله الرحمة يحضر، إذ بالرب يسوع يأتي ويسأل المخلع: إذا كان يريد أن يبرأ، إن رحمة الله تجاه الإنسان لا تقبل أن تستغل مرحلة ضعف، مرحلة صعوبة، لكي تفرض على المخلع حتى فكرة الشفاء فيسأله: هل تريد أن تبرأ وهكذا يظهر لنا جلياً أن إلهنا يحترم حرية الإنسان حتى في تقبل الشفاء. تحنن عظيم من الله يخدم كرامة الإنسان الكلية. فنرى المسيح يتوجه إليه قائلاً بعد أن لاقاه بتحننه العظيم قال للمخلع: قم واحمل سريرك واذهب إلى بيتك، وذلك من الطبيعي أن يتحقق فالذي شفاه الرب بكلمة لا يستطيع الاّ أن ينقل ان الرب يسوع المسيح هو الذي شفاه.
انه من المهم أن نختار اما تحنن نحاول فيه أن نكون حسب قلب الإله الرحوم أو نتصرف بأية طريقة نظهر أننا موجودون وينبغي أن يكون الناس “تحت رحمتنا”.
لننتبه العالم ينتظر منا رحمة. كثرت فيه الأقوال عن قساوة البشر وبالفعل في بعض الأحيان، بل كثير من الأحيان في أيامنا تلك القساوة وصلت إلى ذروتها، فلنتوجه إلى الإله المحب البشر وحده لكي نقول له: يا رب أعنّا أن ندخل خط رحمتك فنسعى أن نتجه بها إلى رحمة نمارسها حقاً وليس بالقول تجاه من ينتظروك فنمجدك برحمة تبقى شاهدة لك. فيا أيها الرب أعنّا وافتدنا من أجل اسمك وارحمنا وارحم عالمك فإنك المتحنن والمحب البشر إلى الأبد. آمين.   

نشرة البشارة
العدد 21 – في 26 أيار 2002
أحـــد المخلّع

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share