الإعتراف بالخطيئة – المطران بولس (بندلي)
في مقطع رسالة القديس بولس الأولى إلى تلميذه تيموثاوس الذي تلي على مسامعنا اليوم، يعلن كلمة يؤكد صدقها وبالتالي ضرورة قبولها “كلياً”، أي دون أي تحفظ وتحمل خبراً مهماً للغاية أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطأة. أتى إذاً رب السماء والأرض إلى الأرض التي خلقها، يفتقد العالم الذي خلقه والذي ابتعد البشر أهله عن الله، ليخلص الخطأة الذين ضلوا الطريق وسقطوا فريسة أهوائهم. إذاً يتضح أن تحرك المسيح نحو البشر كان هدفه الخلاص الذي يمنحه بصليبه الكريم لكل إنسان دون استثناء ولكن الخطر الذي يهدّد الإنسان هو بأن يظن بأن الآخرين هم الخطأة أما هو فليس بخاطىء وبالتالي ليس بحاجة إلى هذا الخلاص.
أما بولس فلا يحسب هذا الحساب. هو متيقن أنه خاطىء، ألم يقل في مكان آخر أن الخير الذي يريده لا يفعله، أما الشر الذي لا يريد إياه يفعل؟ وأكثر من ذلك، إنه يضيف الآن إنه “أول الخطأة” أي إنه يقول إنه أخطأ أكثر من الآخرين! وكم من مرة يذكر بنوع خاص بضعف كبير مرّ فيه عندما كان يضطهد الكنيسة ظاناً أنه هكذا يبقى أميناً لتقليدات آبائه وأجداده… ويتذكر أنه هكذا وهو يتأمل بالوقت نفسه برحمة المسيح وأناته التي ظهرت فيه فأصبح هكذاً “مثالاً” لمن يعترف بأنه خاطىء عوض أن يلتهي عن خطيئته بالتفكير بخطايا الآخرين. وهكذا تتوازى أولويته في الخطأ بأولويته في نوال الخلاص لأنه عندما تأمل بخطيئته بل بخطاياه العظيمة في الوقت الذي كان يتأمل برحمة الله الغافرة له، فحينئذ استطاع أن يتوب حقيقة أي أن يغيّر ذهنيته في النظر إلى الأمور وأن يكون له فكر المسيح الذي قال: “لم آت لأدعو صديقين بل خطأة إلى التوبة”. فمن يظن نفسه دون خطأ فعلى أي شيء يتوب طالما لم يرتكب أية خطيئة؟
أيها الأحباء نحن مدعوون أن نعترف بخطايانا لكي يشفينا الرب منها وينهضنا برحمته العظيمة! نحن مدعوون أن نقول مع بولس أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطأة الذين أنا أولهم وليس هذا بتواضع مزيف، إنه الحقيقة التي إذا تأملنا بها وفي الوقت نفسه عينانا شاخصتان إلى صليب مات المسيح عليه ليشترينا ويمنحنا القيام، فحينئذ نكون قد سلكنا درب البر الذي يدعونا إليه ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح له الكرامة والسجود إلى أبد الدهور. آمين.
مطران عكار وتوابعها
الأحد 26 كانون الثاني 2003
العدد 4