رسالة إلى الرعاة – المطران جورج (خضر)

mjoa Saturday January 21, 2017 95

رسالة إلى الرعاة – المطران جورج (خضر)

لقد كتب الرسول إلى تيموثاوس قائلاً له: «لا يستهِنْ أحدٌ بفتوّتك، بل كُن مثالا للمؤمنين بالكلام والتصرّف والروح والإيمان والعفاف». بهذه كلها تخدمون، وان نقصت إحداها فستختلّ الخدمة، ولكن إن استطعتم أن تتسلّحوا بالكلمة حسب قول الرسول أيضًا أن «اعكُفْ على القراءة»، و«عِظْ في وقتٍ مناسب وغير مناسب» (٢تيموثاوس ٤: ٢). قد يقول لكم بعض من الرعية ان الوقت غير مناسب. لا تسمعوا لهم. ان للرعية رأيًا في راحة أجسادكم وفي أوقاتكم وفي أن تجعلكم مُستغنين أو أغنياء أو معوزين، لكنكم أنتم تُديرون وجه الرعية إلى الله شاءت أَم أَبَت. وإن نامت، فكل واحد منكم الموقِظ، وأنتم المسؤولون عن إيقاظها إذا جرفَتْها المياه.

grg-khdr2اعكُفوا على القراءة لكي تستطيعوا ان تكونوا شهودًا للكلمة، فالرعية سوف تطلب اليكم كل شيء. سوف تطلب منكم ما تُسمّيه حقوقها وما تعتبره هي أمجادها. وسوف تنتفخ، وتريدكم معها أن تنتفخوا. لكن تذكَّروا أني جعلتُكم خدامًا، ولذلك لن تنتفخوا. ستُحنون رؤوسكم أمام الله، أمام الله وحده. أمام الرعية تتواضعون، أمام الأطفال وأمام الفُسّاق وأمام الزناة، أمامهم جميعًا. واذا تثاقلوا عليكم وغلظت قلوبهم، سوف تحنون رؤوسكم أمامهم لأنكم محتاجون ان تخلُصوا ولن تخلُصوا ما لم تُخلّصوهم. ولكن مع ذلك كونوا عالمين بأنكم، كلما مسَّ جبينُكم التراب، يكون قلبككم في السماء وعيناكم تلتصقان بعينَي الله.

كيف تخدمون؟

يقول الرسول بولس في حديثه الأول إلى تيموثاوس «لاحِظْ نفسَكَ والتعليم» (١تيموثاوس ٤: ١٦). لاحظوا أنفسكم لأنه ليس صحيحًا كما يدّعون أن الإنسان يخدم بذاته، وأن الإكليريكي يخدم بعلمه وبترتيباته الدنيوية. انه يخدم بشخصه. لاحظوا  أنفسكم. فإن هلكتْ نفوسكم، فلستم بشيء ولا تستطيع كل تنظيماتكم ان تعمل شيئًا. لاحظوا أنفسكم لكي تكونوا مع يسوع في كل حين، في الليل والنهار.

ولكنه قال أيضًا: «لاحظ التعليم»، لأن الذئاب الخاطفة سوف تتسلّل إلى الرعية، وعليكم ان تُدبّروا شأنها بالتعليم المستقيم. ليس صحيحًا ان المدرك كالجاهل. ونحن نرجو إلى الله أن لا يبقى في ذهنِ أحدٍ انهم يستطيعون أن يرفعوا الجاهل على المنبر وأن يستمعوا اليه. الجاهل سيموت بجهله. من أجل ذلك يجب أن تلاحظوا التعليم، أي أن تصبحوا لاهوتيين ينطلق اللاهوت من أفواهكم إلى أطراف الدنيا. الناس يُرعَون بالمعرفة. ولأجل هذا يجب ان تستوعبوا كل ما تسلَّمناه من يسوع الإله إلى آخر عالِم في الكنيسة الأرثوذكسية.

ليس صحيحًا ان كنيستنا كنيسة طقوس فحسب، لكنها أيضًا كنيسة عارفة. ولهذا يجب أن تعكُفوا على القراءة في كل حين لكي تستطيعوا ان تصُدّوا المنافقين وان تبرهنوا عن قدرة الرجاء الذي فيكم، حتى إذا رآكم الناس وهم عطاش يرتوون ويذهبون إلى العالم أكثر معرفة وأكثر حكمة وأكثر إخلاصًا.

ستُمارسون هذه حتى تنتهي معرفتكم بالتواضع. وإذا أَدركتم التواضع، يجتذبكم الله إلى الخدمة التي يريدها. فإنكم بتواضعكم ستكونون أسيادًا على أفعالكم. وإذا صرتُم أسيادًا على ميول قلوبكم، أي إذا جعلتُم يسوع وحده سيدًا على هذا القلب، عندئذ تصيرون خدامًا له، والله يحوّل عدمكم إلى وجود، لأن حياتنا نحن «مستترة مع المسيح في الله» (كولوسي ٣: ٣).

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

٢٢ كانون الثاني ٢٠١٧

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share