السماء المفتوحة – المطران بولس (بندلي)
في هذا اليوم وهو الأحد الأول من الصوم سمعنا في مقطع إنجيل يوحنا الذي تلي على مسامعنا عن السماء المفتوحة.
السماء، طبعاً، ليست هي الجلد الأزرق الذي هو طبقة هواء تحيط بكوكبنا الأرضي والبالغة سماكتها بضعة عشرات من الكيلومترات، لكنها بالحقيقة هي موقع حضور الله الموجود في كل مكان وبالتالي، هي في كل مكان نلتمس رحمة الله فيه فنجده فيه حتماً.
أيها الأحباء إن إلهنا نزل إلينا، تجسد وانحدر إلى أرضنا، آتياً إليها بنعمته الغزيرة. لسنا بعد غرباء عنه بعد أن أتى إلينا وصار شبيهاً بإخوته البشر في كل شيء.
إلهنا أتى إلينا آخذاً صورة عبوديتنا لكي يجعلنا نعبر من العبودية إلى الحرية الحقيقية، حرية أبناء الله. ففي الرسالة إلى أهل غلاطية التي تتلى يوم عيد الميلاد نسمع بولس الرسول يقول: “أنت لست بعد عبداً، أنت ابنٌ”. فهل ننتبه إلى هذه الصيرورة التي لا توصف عظمتها والتي دعينا إليها. هل نعي أن السماء انفتحت لكي يكشف ابن الله المنحدر إلينا إننا مدعوون بأن نتصرف كأبناء لله، ساعين أن نبرز صورته الإلهية التي وضعها فينا عندما خلقنا.
أطل إلهنا من السماء علينا، فهل نقبل به؟
أما مسيرة الصوم الأربعيني المقدس التي قطعنا الأسبوع الأول منها فهل نعي اننا مدعوون أن نلتصق خلالها بمن لم يستحي أن يدعى أخاً لنا؟
إنه يطلب منا بإلحاح أمانتنا له كونه سيد حياتنا، أن ننتبه باستمرار إلى أن السماء مفتوحة لتدعونا إلى التأمل برحمة إلهنا.
السماء مفتوحة لكي ندعو اليها بعضنا البعض لكي ندعو الآخرين إلى الاقبال إلى من لم يستحي بنا، كما دعا فيليبس صديقه نثانائيل أن يأتي إلى من رفضه هو عند أول وهلة ثم توصل عندما قابله أن يسجد له كمخلص وحيد محب للبشر.
سنتحمل مشقات وأهمها الأجوبة القاطعة المسبقة الداعية إلى الرفض ولكنها ستتحول عندما يكتشف الآخرون إننا ندعوهم للسجود لمن “يعرفهم” قبل أن ندعوهم ويعلنون حينئذ أن السماء المفتوحة عبر منها ابن الله لخلاص البشر له الكرامة والسجود إلى الأبد. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 29 شباط 2004
العدد 9
الأحد الأول من الصوم
(أحد الأرثوذكسية)