التعرف الى الآب – المطران بولس (بندلي)
قال له فيليبس يا سيد أرنا الآب وكفانا. قال له يسوع أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيليبس. الذي رأني فقد رأى الآب فكيف تقول أنت أرنا الآب؟ (يوحنا 8:14و9).
ان هذا الشوق الى رؤية الآب مهم جداً عند التلميذ الذي نعيّد له اليوم. انه لهفة الى الاتصال بالآب الضابط الكل خالق السماء والارض كل ما يرى وما لا يرى كما نعلن في دستور ايماننا. انه صرخة تعلو من أعماق كل انسان نحو الإله الازلي الابدي الذي لا يرتوي الانسان الاّ اذا شرب من معينه الذي لا ينضب. انه الرغبة عند كل انسان آت الى العالم في ان يرى الله الذي لا يُرى أصلاً فكيف السبيل الى ذلك وكيف يصبح الغير ممكن ممكناً؟
الجواب هو عند الإله المتجسد، عند الرب يسوع المسيح الذي يجيب فيليبس قائلاً: أنا معكم طيلة الزمان الذي قضيته بينكم -أنا “وحدي” قادر أن اعرِّفكم على الآب لأني من جوهره الإلهي ومساو له في الكرامة والسجود ولكنني أخليت نفسي وأخذت صورة العبد التي فيكم لكي أصير مثلكم في كل شيء ما عدا الخطيئة التي متُّ على الصليب وقمت في اليوم الثالث لكي أنزع شوكتها من حياتكم متتبرَّرون باغتسالكم في معموديتكم وبلبسكم اياي وبتناولكم جسدي المكسور من أجلكم ودمي المهراق من أجلكم ومن أجل كثيرين! ولذلك لن تتعرفوا الى الآب الاّ اذا قبلتموني وأردتم ان تتعرفوا اليَّ فمن لا يقبلني الهاً ومخلصاً وفادياً لا يستطيع أن يقبل الآب ومن يقبلني اعطيه أن يتعرف الى الآب ويسجد له ولي وللروح القدس الموزع المواهب على الجميع دون استثناء، فالطريق الى معرفة الآب تمر حتى بي، هكذا يؤكد الابن الإلهي كما أعلن ذلك لفيليبس.
واذا ما رجعنا الى الاصحاح الثاني عشر من انجيل يوحنا نقرأ فيه أيضاً: “وكان أناس يونانيون من الذين صعدوا ليسجدوا في العيد فتقدم هؤلاء الى فيليبس الذي في بيت صيدا الجليل وسألوه قائلين يا سيد نريد أن نرى يسوع. فأتى فيليبس وقال لاندراوس ثم قال اندراوس وفيليبس ليسوع (يو20:12-22) ونلاحظ ان الرجال اليونانيين الصاعدين ليسجدوا في العيد توجهوا نحو الرسول فيليبس طالبين منه أن يساعدهم في “رؤية يسوع”. الا ننتظر أن يأتينا الناس طالبين منا أن “يروا يسوع” لأنهم هكذا يرون الآب! اذا انتبهنا الى ذلك، كما نلتمس من الله، حينئذ لا نستطيع أن نهمل طلبهم! علينا أن نريهم يسوع! فكيف يمكننا ذلك اذا لم نريهم اياه في اعمالنا وفي تصرفاتنا في كل ظرف من ظروف حياتنا.
أيها الأحباء، اذا لم نكن شفافين لكي نمكِّن الذين حولنا والذين يدخلون ولو فجأة في حياتنا من أن يروا يسوع فنحن مسؤولون عن جهلهم اياه -لذا ينبغي أن ننتبه كثيراً الى أن نكون معبراً حقيقياً يعبروه لكي يصلوا. ليس الينا ولكن الى ذاك الإله القادر وحده أن يعطي معنى لحياتهم ويشبع جوعهم ويروي عطشهم. فاليه نتوسل أن يجعلنا، بنعمة روحه القدوس، أهلاً لأن نكون نافذة حقيقية يطل منها الناس لكي “يروا” الابن الإلهي كاشفاً أباه الازلي بواسطة روحه الكلي قدسه، للثالوث الاقدس نسجد ضارعين اليه وقائلين: أيها الثالوث القدوس ارحمنا يا رب اغفر خطايانا، يا سيد تجاوز عن سيئاتنا، يا قدوس اطلع واشف أمراضنا من أجل اسمك يا رب ارحم يا رب ارحم يا رب ارحم. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 14 تشرين الثاني 2004
العدد46