ميلاد العذراء الكلية القداسة – المطران بولس (بندلي)
يوم الأربعاء القادم في الثامن من أيلول تعيّد الكنيسة المقدسة لميلاد العذراء مريم الكلية القداسة والدائمة البتولية وهي تنشد قائلة لها: ميلادك يا والدة الاله قد بشّر بالفرح لكل المسكونة لأنه منك أشرق شمس العدل المسيح الهنا فحلّ اللعنة ووهب البركة وأبطل الموت ومنحنا حياة أبدية.
نعم أيها الأحباء، من المعتاد أن كل مولود جديد يسبب فرحاً كبيراً لوالديه ولمن حوله اذ أن انساناً جديداً اتى العالم، ولكننا نلاحظ أنه بميلاد العذراء قد حصل فرح “لكل المسكونة” أي الخليقة جمعاء، مما يعني أن الفرح لم يعد محصوراً في محيط ضيّق بل تجاوز كل الحدود ليشمل الجميع دون استثناء -فالذين كانوا على أرضنا تحت وطأة الظلمة المخيّمة عليها والناتجة عن الخطيئة أصبحوا “بنين النور” لأن المسيح، شمس العدل، هو مشع للنور الذي أتى الى العالم ليضيء الجميع- أليس هذا ما نردد في خدمة القداس السابق تقديسه في الصوم الأربعيني المقدس عندما يباركنا الكاهن بالشمعة المضاءة معلناً: “لننتصب بحكمة! نور المسيح مضيء للجميع!” مؤكداً أنه لم يعد فيما بعد احتكار لنور السيد، فإن الجميع مدعوون أن يتقبلوه بدون استثناء ولذلك لن يُحرم أحد من هذا النور.
وكنتيجة لقبول هذا النور بإيمان، تُحلّ لعنة الأم الأولى: حواء التي قد نتجت عن الخطيئة -فمقابل كلام الله الموجّه الى آدم قائلاً له: “ملعونة الأرض بسببك” أي بسبب خطيئتك، فها ابنة يواكيم وحنة تلد لنا المسيح الاله الذي أتى الى العالم ليخلّص بصليبه الجنس البشري أجمع من لعنة الأم الأولى التي امتدت الى كل ذريتها- لكن الخلاص بهذه الذرية البشرية وللعالم أجمع من اللعنة أتى، برز بشرياً من هذه الذرية، دون أن يستحي بها، فرفع اللعنة عنها ووهب البركة أي أعاد الانسان الى تلك البركة التي بارك الله الانسان عندما خلقه وسيّده على كل الخليقة الملعونة سابقاً بسبب خطيئته.
أما الموت الناتج عن المعصية فأُبطل بابن العذراء الذي تقبّل الموت لكي يدوس الموت بموته ويهب الحياة للذين في القبور، واهباً الجنس البشري أن يدخل الحياة الأبدية التي كما قال السيد في صلاته الى الآب، هي: بأن يعرفوا الآب الاله والذي أرسله يسوع المسيح المساوي له في الكرامة والسجود، الاله مثله والمتجسد من العذراء لكي يجعل الجميع يقبلون الى معرفة الاله الحق.
تأملات أردت أن أستعرضها مع محبتكم بمناسبة هذا العيد الفضيل الذي نحن قادمون عليه، قوانا الرب أجمعين لكي نعيّد لميلاد العذراء الكلية القداسة وظلمتنا الدامسة مستنيرة بنور شمس العدل الذي له الكرامة والسجود الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد5 أيلول 2004
العدد 36