قوة الإيمان – المطران بولس (بندلي)
يسطر لنا مقطع الرسائل الذي رتبته الكنيسة القدسة لهذا اليوم المبارك الذي هو الأحد الأول من صومنا الأربعيني المقدس، كيف أن أناساً مثلنا أظهروا شجاعة لا مثيل لها وربما اعتبرنا أنها أسطورية أمام الاضطهادات التي مورست ضدهم كي يتراجعوا عن خطهم الإيماني، فبقوا صامدين. ويتكلم المقطع المذكور عن التفضيل الذي اختاروه وهو الذل مع “شعب الله” الذي يضم ليس شعباً محدوداً في إنتمائه البشري كون أبنائه يمكن أن يخرج قسم كبير منهم عن طاعة الله ولذلك لا يعود الإنضمام اليه الاّ في مظهرنا وليس في الحقيقة، بل “شعب لله” في صميمه أي مؤلف من كل الذين يقبلون في وجدانهم “بذل” يلحق بهم كونهم رافضين للتمتع الوقتي بالخطيئة ولو كانوا بشراً يعترفون دوماً بخطيئتهم ولكنهم بالإيمان يسلمون ذواتهم لعمل النعمة الإلهية المخلصة لهم.
في نهاية أسبوعنا الأول من جهادنا الصومي تنتصب أمام أعيننا تلك الجهادات التي نحن مدعوون الى مشاركتها.
أيها الأحباء أن من يعيش بتقوى الله مضطهد حتماً. ألم يقل ذلك بولس الرسول عندما ذكر أننا من أجل الله “نُمات” طيلة الأيام التي نعيشها. لأن مصارعة الخطيئة ليست جرعة ماء نشربها بسهولة، بل هي “موت” للخطيئة فينا، وهذا السعي المستمر الى إماتة نهضاتنا السيئة أي الى استئصالها منّا يكلفنا عذاباً نفسياً وجسدياً ولكنه ينتصب أمامنا مثال أولئك الذين عذبوا ولم يقبلوا النجاة لكي ينالوا قيامة أفضل. فهل نتذكر مواقفهم ونتابع الجهاد في عالم لا يزال وسيبقى غير قادر أن يفهم هذه الجهادات الى ما تؤول متكلين على السيد الذي جاهد جهاد الصليب والموت، فغلب العالم بقيامته وهو الذي يعطي معنى لجهادنا إذ يلبسه أنوار القيامة المجيدة.
نحن مدعوون أن نتابع مسيرة الصوم المقدس بنعمة ربنا الذي به نؤمن وبه نتقوى. فليكن رفيقاً لنا وليكلل أتعابنا بالأكليل الذي لا يذبل. إنه المبارك الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 20 آذار 2005
العدد12