حرية أبناء الله – المطران بولس (بندلي)
في هذا اليوم المقدس حيث يحتفل العالم أجمع بعيد ميلاد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، رتبت الكنيسة المقدسة هذا المقطع من الرسالة الى أهل غلاطية حيث أكد الرسول بولس أن الله أرسل ابنه الوحيد، كونه من جوهره، إلينا نحن البشر كي يعلن لنا إننا “أبناء” وبالتالي لسنا بعد “عبيداً”.
لننتبه أيها الأحباء الى أمر مهم جداً. قبل المسيح كان البشر يشعرون انهم عبيد لله وانهم تحت نير الناموس أي شريعة الله ولذلك كانوا يعتبرون أن تطبيق الوصايا في حياتهم يجب أن يكون بالرغم من ارادتهم، أي هم بمنزلة عبيد لله، مرعوبين من اقتصاصه فهم اذا خافوها، مهددين من قبله انهم يقاصصون بالموت في حال مخالفتهم لها ولذلك كان مكتوباً عن ناموسهم ان من يخالفه، موتاً سيموت.
أتانا الرب يسوع ليقول لكل إنسان: أتيت من السماء وولدت بين البشر، أنا ابن الله الوحيد، لكي أؤكد لك، أي لكل إنسان: ان الله لا يريد أن تبقى عبداً له أي أن تطبق الوصايا وأنت مسلوب الحرية، أتيت لأقول لك أن الله يود تبنيك لأنه يحبك والحب الحقيقي يحررك من القيود، ولذلك ستطبق الوصايا بأكملها والتي لن يزول منها حرف واحد أو نقطة واحدة، ليس لأنك عبد ولكن لأنك ابن، وكونك محبوباً أقول لك: “إن كنت تحبني تحفظ وصاياي وأبي يحبك وإليك نأتي ونسكن فيك مع الروح القدس الممجد معنا الى أبد الدهور.
هكذا يقول الطفل الإلهي الذي اضطر أن يولد في أحقر وضع ممكن، وأن يوضع في مزود البهائم لكي يحررنا من بهيمية الخطايا، ولكي يحطم قيود الحقد التي تهددنا حتى نصل الى حرية حقيقية نمتلكها كأبناء لله. ولذا نحن مدعوون أن نجاهد كثيراً مشمولين بنعمة “من ولد من أجلنا طفلاً جديداً وهو الإله الذي قبل الدهور.
أيها الأحباء علينا أن ننتبه الى الكلام الذي سمعناه. إن الدعوة التي دعي البشر إليها بميلاد المسيح هي الانضمام الى بنوة الله أي الى عائلة الله. فبتجسد ابن الله الوحيد وبولادته بيننا، عرض لنا أن نصبح إخوة له أي أن ننتمي إليه كما انتمى هو الينا. وإذا وعينا ذلك واجتهدنا بقدر استطاعتنا أن نقبل بعمل نعمة الله في تحطيم قيودنا وتحريرنا منها وجعلنا “أبناء لله” حينئذ سوف يرتسم أمامنا بوضوح أننا ورثة لله أي إننا حاصلون فيه على
السلام الحقيقي الذي أعلنته الملائكة عند ولادة الرب يسوع وهكذا نمجد معهم الطفل الإلهي المولود من أجل خلاص العالم أجمع له الكرامة والسجود الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 25 كانون الأول 2005
العدد 52