روح الله وروح العالم – المطران بولس (بندلي)
في الإصحاح الثاني من الرسالة الأولى الى أهل كورنثوس يلفت بولس الرسول الى أن “هذا الذي لم تراه عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على بال إنسان أي ما أعده الله للذين يحبونه”،لم يبق محجوباً عنّا اذا أردنا أن نتأمل به حقيقة ونحن بعد في هذه الحياة، إنه معلن لنا من قبل الله بروحه القدوس، هذا الروح الذي كلم عنه الرب يسوع المسيح تلاميذه في خطابه الوداعي إذ قال لهم: “أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم الى الأبد. روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم” (يو16:14-17). وأضاف بعد ذلك “أما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم” (يو26:14). مؤكداً فيما بعد: “ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا اليكم من
الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي” (يو26:15) مضيفاً “وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الإبتداء” (يو27:15).
أيها الأحباء إذا تأملنا بهذه الأمور لابد إلا وأن يلفت إنتباهنا أن هناك روح العالم أي ذهنية العالم، طريقة عالمية لحل الأمور وروح العالم هذا يهدد الإنسان بأن يحجب عنه روح الله ولذلك لا يعود يقبله لأنه محجوب عنه فلا يراه ولا يعرفه، وروح العالم هذا يمكنه أن يشوّه صورة الإنسان، كل إنسان منا، بحقيقتها منذ البدء أي عندما خلقنا أساساً على صورة الله ومثاله.
أما روح الله فيختلف، بما لا يقارن، عن روح العالم، إذ إنه ينادي بتجديد الصورة الإلهية في الإنسان التي شوهناها ببعدنا عن الله –فإلى أي روح ننتمي؟
الإختيار ليس سهلاً لأنه إختيار وجداني والإنسان خلقه الله حراً والله يحترمنا في استعمال حريتنا.
إن الرب يسوع مات لكي يحررنا من عبودية الخطيئة التي يحاول الشيطان أن يوقعنا فيها كي نُستعبد لها فتكبلنا بحبائلها، ولذا نطلب منه هو الذي قبل أن يباع “كعبد” كي يحررنا، أن يرسل لنا الروح القدس كي يعلمنا فكر الله فيعزينا به ويقوينا كما قوّى الرسل القديسين الأطهار كي نحمل موهبة الروح الإلهي لكل من نلاقيه، ففكر المسيح الذي نُعطاه من قبل الروح القدس سنكون بنعمته مشاعل حية له فيمجد الله في كل الذين يحاولون أن يحبوه عسانا أن نجتهد جميعاً أن نكون معه. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 21 آب 2005
العدد 34