السنة الجديدة – المطران بولس (بندلي)
نستقبل اليوم السنة الجديدة 2006، ننتقل إليها من سنة ملأها الألم والمآسي وغياب وجوه حبيبة. ولكننا نوكل أمرنا الى الله سيد الأزمنة والأوقات، الذي برعاية نعمته، نحيا ونتحرك ونوجد كما يقول بولس الرسول في خطابه الموجه الى أهل أثينا المجتمعين في الاكروبول، فكان لقاؤهم حول مذابح آلهتهم المتعددة.
أيها الأحباء ، إن ما نتذكره من السنة المنصرمة وهو مؤلم جداً، نرجو من نعمة إلهنا أن يكون كالنار في البوتقة التي تنقي الذهب من أوساخه، نرجو من رحمته أن يكون ما مررنا فيه من آلام منقياً لنفوسنا من ادرانها التي هي الأحقاد أو الحواجز التي تنتصب في حياتنا كي تفصلنا عن أخينا الإنسان والتي تجعل إنساننا يمر بتجربة قايين عندما قال: “من اقامني حارساً لأخي” وهذه التجربة هي أصعب تجربة نتعرض لها لأننا إذا استسلمنا لها تتصدع علاقاتنا مع الله ذاته وهكذا نفقد معنى إنسانيتنا المؤسسة عليه لأنه هو وحده الضامن لها.
والآن المطلوب منّا أن نرفض ما يعيق إنسانيتنا، أن نخلع عنّا الإنسان العتيق لنلبس الجديد المتجدد على صورة خالقه. فإذا كنّا نتمنى أن تكون سنتنا الجديدة مباركة، فلنقدمها لله. فلنطلب منه أن يكون حاضراً فيها ولكن علينا أن نفسح له المجال، أن نترك له المكان، أي أن نتخلى عن كل ما يعيق علاقتنا بالإنسان الآخر، لأن عمل الله هو بأن يقترب الإنسان من أخيه الإنسان، ليس بالشكل فقط ولكن في الصميم، أي أن ينتبه الإنسان الى حاجات الإنسان الآخر وهمومه كما لو كان ذلك لنفسه مع قبول وجداني لاستقلالية الإنسان الآخر بالنسبة له.
ما نحتاجه للسنة الجديدة هو أن نتوب أي أن نتخلى عن أفكار العالم المتسلطة علينا والتي تتجاذب ضعفنا، لكي نقبل بفكر المسيح الذي كما سمعنا في إنجيل هذا النهار قَبِلَ ختانة بالجسد، كي يسقط الأقنعة عن وجوهنا، أي لكي يمكننا أن نظهر بوجوهنا الحقيقي ونقابل هكذا الوجه الآخر بحقيقته فنقترب إليه إنسانياً اقتراباً حقيقياً عميق الجذور.
هذا ما ندعو له: أن يكون سعيُنا إليه في السنة الجديدة التي نلجها في هذا اليوم المبارك، ضارعين الى الله أن يحفظكم مع عائلاتكم الكريمة. وأن يبارك عملكم ويعطيكم ثماراً يانعة لأتعابكم.
بارك يا رب سنتنا الجديدة واحفظ المسؤولين في بلدنا الحبيب، كي لا توقفهم العثرات بل أعطهم أن ينتصروا عليها، فينهض الوطن من آلامه وينعم ابناؤه بالصحة والتوفيق والتقدم المستمر في محبتهم له ولبعضهم بعضاً.
اللهم احفظ أبناءك من كل شر وبارك اكليل السنة بصلاحك يا رب. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 1 كانون الثاني 2006
العدد 1