الشهداء الأربعون – المطران بولس (بندلي)
في التاسع من آذار الذي يصادف وقوعه هذه السنة في الخميس من الأسبوع الأول للصوم الأربعيني المقدس، تعيد الكنيسة المقدسة لتذكار الأربعين شهيداً الذين استشهدوا في مدينة سبيستيا. وعدد الأربعين يشير في الكتاب المقدس الى الإستعداد، فقد صام موسى أربعين يوماً قبل أن يستلم ألواح الشريعة على جبل سينا، وقد صام الرب يسوع أربعين يوماً قبل أن يقبل التجربة التي قدمها له الشيطان وكان ذلك مباشرة قبل إبتدائه بالكرازة بالخلاص الذي كان يحمله للجنس البشري بأجمعه وها نحن ندخل في صومنا الأربعيني لكي نستعد للولوج في أسبوع الآلام الخلاصية التي توصلنا الى السجود لقيامة الرب يسوع من بين الأموات دائساً الموت بموته.
أيها الأحباء، عندما نتذكر الشهداء الأربعين يبرز أمامنا كيف أن هؤلاء فضلوا التخلي عن الدفء الطبيعي الذي تحتاج إليه أجسادنا وقبلوا أن يُطرحوا على الماء المجمد ذي البرودة المميتة لها لكي يحصلوا على الدفء الإلهي المانح إياهم حياة أبدية منتصرة على الموت مع المسيح الناهض من بين الأموات.
نتذكر في حادثة إستشهادهم كيف أن الأكاليل النورانية كللت هاماتهم، كما انه عندما استسلم أحدهم الى الضعف البشري ساعياً الى نجاة وقتية لم ينلها، أعلن أحد المكلفين بحراستهم إيمانه بالرب يسوع واندفع الى البحيرة منضماً إليهم لكي ينال من الرب إكليل الإستشهاد. كما إننا نتذكر كيف إنه عندما نقلت أجسادهم في عربة بعد استشهادهم، وتحنن أحد المكلفين بنقلها على إحدى الأمهات الراكضات وراء عربة الشهداء إذ رأى إبنها لا يزال على قيد الحياة فرماه لها، وإذ بالأم تحمل جسد إبنها وتلقيه مع رفاقه في العربة لكي يبقى مع إخوته المجاهدين وينال الإكليل معهم.
وها إننا نصرخ مع الكنيسة المرنمة: “يا رب بأوجاع قديسيك التي تكبدوها من أجلك، تحنن واشف أوجاعنا كلها…” نعم يا رب إننا نلتمس منك أن تقبل قربان أجساد شهدائك وأن تتحنن علينا وعلى بلدنا، شافياً جراحنا وجراحه من أجل دماء شهدائك الأبرار الذين قدموا لك دماءهم، فنمجدك معهم يا جزيل الرحمة الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 5 آذار 2006
العدد 10