القديس بوليكربس – المطران بولس (بندلي)
في الثالث والعشرين من هذا الشهر تعيد الكنيسة المقدسة للقديس الشهيد في الكهنة بوليكربوس أسقف أزمير ونقرأ في السواعي الكبير “إن هذا الرجل النبوي –أي الذي كان يعلن كلمة الله بجرأة- كان صورة الإيمان والحق كان تلميذاً ليوحنا الإنجيلي وخليفة بوكولس في أسقفية أزمير. ولما ثار الإضطهاد الخامس ضد المسيحيين على عهد الأمبراطور مرقس أبريليوس الذي كان يدعى أنطونيوس الفيلسوف أيضاً، قبض والي أزمير عليه وهو شيخ ابن 95 سنة وحرضه أن يجدف على المسيح. فقال له: لي ست وثمانون سنة وأنا متعبد له ولم يظلمني بشيء وكيف يمكنني أن أجدف على ملكي الذي خلصني؟ فاغتاظ المغتصب من هذه الأقوال وأمر أن يطرح في النار. وهكذا مات بمجد سنة 166. وكان يعلم دائماً ما تعلم من الرسل وما تقلدت الكنيسة تسليمه ما هو صادق وحده كما يقول أفسابيوس المؤرخ الكنسي الكبير، في تاريخه الكنائسي (الكتاب 4 الراس14و15)”
يلفتنا في ما ورد أعلاه كيف أن الصنمية تحجر قلب الإنسان فلا يعود يلتفت الى قيمة الإنسان الآخر ويريد أن يجبره على التنكر للإله الحي والمحيي كل إنسان دون استثناء، كما أنه يلفتنا أيضاً جواب هذا القديس الشيخ ابن الخمس وتسعين سنة الذي يتذكر تعبده لله ملكه وخلاصه ويجيب بكل وداعة أن الله الذي يعبده هو ملكه الحقيقي وليس مالكه أي مستعبداً له، بل هو مخلصه من العبودية المرّة التي يدفعنا إليها الإبتعاد عنها فيصبح الإنسان رازحاً تحت وطأة أهوائه ومسلماً الى الموت بينما يتمسك قديسنا بالحياة الأبدية التي تعلمها من معلمه يوحنا الحبيب الذي وردت في إنجيله المقدس: “وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك والذي أرسلته يسوع المسيح” (يو3:17).
بوليكربس الذي كان في سن متقدمة، كما كان شيخ آخر هو سمعان القابل الإله، شاركه بتسليمه حياته وموته للفادي الحبيب وإذ تذكر رحمة الله المخلصة، وتحننه العظيم، ألقي في نار أحرقت جسده ولكن روحه الطاهرة اجتازتها وصعدت الى النار الإلهية التي رآها موسى في العليقة الملتهبة دون أن تحترق وانضمت الى مراتب الأرواح الحالة في ديار القديسين وهي تشترك في لحن القديسين الذي لا يفتر والصارخ “إن نفوس الصديقين في يد الله ولن يمسها فساد”.
فيا أيها الأحباء، إن عبادة أصنام كثيرة ومتنوعة تعرض علينا دائماً وتقدم لنا كبديل لإلهنا الحي المحيي، عسانا أن نطلب شفاعة هذا القديس العظيم في الشهداء أن يعطينا قوة لنقول: من يفصلنا عن محبة المسيح مخلصنا له الكرامة والسجود الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 19 شباط 2006
العدد 8