الرحمة في حياة الإنسان – المطران بولس (بندلي)

mjoa Wednesday March 15, 2017 191

الرحمة في حياة الإنسان – المطران بولس (بندلي)

إن مقطع الإنجيل الذي سمعناه في هذا اليوم المبارك يضعنا أمام سؤال مهم للغاية وهو كيف نكون بشراً بكل معنى الكلمة؟

الجواب يعطى لنا في الكلمة التي وجهها السيد لعبده: “أفما كان ينبغي أنك أنت أيضاً ترحم العبد رفيقك كما رحمتك أنا؟” (متى33:18).

لنتأمل في المثل المقدم لنا من الرب يسوع كيف كانت معاملة السيد لعبده وكيف انه “ترك” له المبلغ الكبير الذي كان استدانه منه ولنقارن ذلك بالتصرف الذي تصرفه العبد تجاه رفيقه المديون له بالمبلغ الزهيد “ومسكه بعنقه” وكأنه يريد أن يلغي وجوده وختم عمله بزج رفيقه في السجن حتى يوفي الدين. المفارقة تصدم في هولها ومن الطبيعي جداً أن تكون النتيجة بأن السيد عامل عبده بالطريقة التي استخدمها هذا الأخير تجاه رفيقه.

أيها الأحباء كثيراً ما نُجرّب بأن نرفض الرحمة على أساس المحافظة على “حقوقنا” “فالحقوق” التي نتمسك بها تدفعنا أن نقسي قلبنا في تعاملنا البشري وبكلمة أوضح تجرنا الى انتزاع انسانيتنا وينتج عن ذلك اننا نفقد الصورة الالهية التي خلقها الله فينا، فإذا أصبحنا في هذا الوضع اللاانساني هل هذا يرضينا.

لا بد أن هناك أخطاءاً يرتكبها الناس  تجاهنا واذا افترضنا جدلاً أننا لا نخطئ أبداً تجاههم (وهذا طبعاً أمر ينبغي أن نفحص ضمائرنا حقاً كي نكشف اذا كان وارداً أم لا وأن نكون شفافين في طرح السؤال). لكننا هل ننسى كم نخطئ تجاه خالقنا ونعود فنطلب منه رحمة  فيمنحنا اياها على الفور تاركاً لنا دين خطايانا الثقيل ولا يدعنا نرزح تحته –أليس المطلوب منا أن نرحم كما يرحمنا الله. وهكذا ندخل الى خط الهنا الذي يضمن لنا انسانيتنا بكل معنى الكلمة.

نتذكر أنه عندما قدم بيلاطس الرب يسوع الختن الى اليهود الهائجين عليه طالبين صلبه قال لهم: “هوذا الانسان” (يوحنا5:19) الا نرى بأن من فدى الانسان بموته وقيامته لم يستحِ بأن يصنف انساناً كي يؤكد أنه هو الاله الحالق يرتضي بأن يرحم انساننا الساقط ولذلك ومن أجل رحمته تجاه الانسان التزم انسانيتنا كي يعيدنا الى حقيقتها الأساسية. فإذا رحمنا كنا مشاركين لفدائه لنا ومتقبلين انسانيتنا على حقيقتها، الا أهلنا الله بنعمته الغزيرة التي يمنحنا اياها فندخل خطه الخلاصي ونكون بالرحمة أبناء حقيقيين للإله الرحيم والمحب البشر له الكرامة والسجود الى أبد الدهور. آمين.

نشرة البشارة

الأحد 27 آب 2006
العدد 35

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share