إمتحان المحبة الحقيقية – المطران بولس (بندلي)
في المقطع الإنجيلي الذي رتبته الكنيسة المقدسة لهذا اليوم المبارك نسمع الرب يطلب إلينا اتباع طريق أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه طريق صعب وربما جُرِّبنا أن نعتبره مستحيلاً وذلك لأن إلهنا المتجسد يدعونا الى خط يتنافى مع الاعتبار التجاري الذي يسود عالمنا. فالناس يعتبرون طبيعياً أن يتبادل الأشخاص المحبة وكانها سلعة، أي إننا نشتري محبة فنبيع محبة وأما إذا لم نشعر بمحبة تجاهنا فنحن منها براء! هذه محبة المقايضة التي يعلنها المنطق البشري والتي تجعلنا نمسك دفاتر محاسبة فنسهر الاّ نخسر وداً بشرياً كي تستريح أعصابنا…
لكن الكلمة الإلهية ترسم أمامنا طريقاً أخرى، إنها تقول لنا أمامك صليب بَسَطَ عليه إلهك المحب البشر يديه كي يؤكد لك وللعالم أجمع أن لا حب أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه فداء عن أحبائه، فهل تفكر بهذه المحبة التي لا تسقط أبداً في الوقت الذي تسقط كل حسابات العالم وتنهار كل ترتيبات البشر؟
أيها الأحباء جداً إن دعوة الرب يسوع لنا هي الآتية:
أنت يا من جعلت نفسي شبيهاً بك ولم استح بأن أكون أخاً حقيقياً لك، هل تريد أن تقبل محبتي المجانية التي دفعتني أن أموت عنك وذلك لكي أحييك بقيامتي؟ هل تقبل أن تصلب ذاتك معي فتتخلى عن إنسانك العتيق الذي تخلعه بقوة روحي القدوس الذي يجددك؟ إن طريقي ضيقة محزنة لكنها تؤدي الى خلاصك من أنانيتك وحينئذ تسير معي، فإن كنت معي ستحمل صليب المحبة للآخرين الذي يتحد حقيقة بصليبي فيتحول آنذاك من اللعنة القديمة الى بركة إلهية ترافق حياتك فتجعلك منتصراً بنعمتي المخلصة للآخرين ولكل الذين تضعهم عنايتي في طريقك.
أيها الأحباء إن امتحان المحبة الحقيقية يتم على الصليب فهل نقبل به كي تتمحص محبتنا كما في بوتقة فنتنقى من أدران المصالح التي تهددها ونصل الى الانتصار الكامل الذي يعطيه إياه الرب، فنصرخ مع القديس بولس: “مع المسيح صلبت لكي أحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فيّ” ومعه أيضاً نقول: “ما أحياه الآن بالجسد، أحياه بالإيمان بابن الله الذي أحبني وبذل نفسه عني”.
ألا أهلنا الرب الى هذه المحبة المنقذة إيانا من الموت والمانحة إيانا الحياة الأبدية فننالها بقوة صليب إلهنا غالب الموت له الكرامة والسجود الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 1 تشرين الأول 2006
العدد 40