العمى الحقيقي- المطران بولس (بندلي)
في المقطع الإنجيلي الذي رتبته الكنيسة المقدسة لهذا اليوم المبارك نسمع عن هذا الأعمى الجالس على الطريق ليستعطي. إنه في موقع استجداء لصدقة الناس عليه كونه لا يستطيع أن يقوم بأي عمل يعوله. ولكن الرب يسوع مرّ من قربه تحيط به الجموع وإذ سأل ما عسى أن يكون هذا وأخبر بأن يسوع الناصري مجتاز، تعلّق به كمرساة للخلاص وتحوّل استجداؤه من طلب ما يساعده على اقتناء لقمة عيشه المادي الى ترجّي رحمة إلهه صارخاً نحوه: “يا يسوع ارحمني”.
ووجد من ينتهره ليسكت! أما هذا فازداد صراخه أكثر كثيراً ليطلب رحمة من ذاك الذي أكد بأنه يطلب رحمة لا ذبيحة. فيا للعمى الذي أصاب الرجال الذين انتهروه! ارادوه أن يسكت لأنهم لم يقبلوا أن يلتجأ الى الرحمة الإلهية، فأعموا أنفسهم لأنهم لم يقبلوا أن يفتحوا بصائرهم على الإله المتحنن الآتي الى البشر لكي يرحمهم وبالحقيقة كانوا هم عمياناً بعمى روحي لا يقبل الشفاء، ليس لأن الله لا يقدر أن يشفيه ولكن لأنهم سدّوا الطريق التي تؤدي الى الخلاص، فرفضوا هكذا رحمة إلههم. ألم يقل الرب لأمثالهم “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تغلقون ملكوت السموات قدام الناس فلا تدخلون أنتم ولا تدعون الداخلين يدخلون” (مت13:23). وقد قال أيضاً: “أيها القادة العميان الذين يصفّون عن البعوضة وتبلعون الجمل” (مت24:23).
أيها الأحباء، إن ما سمعناه في إنجيل هذا النهار يدعونا أن نصرخ بلجاجة الى الرب يسوع أن يرحمنا برحمته العظيمة ويفتح أعيننا لكي نبصره فنسجد له ونتبعه بإيمان. كما اننا نرجو من تحننه أن ينعم علينا بأن نساعد الإخوة الذين وضعتهم العناية الإلهية في طريقنا غير متضجرين من صراخهم بل بالاحرى حاثين إياهم ان يزدادوا صراخاً يرتفع نحوه كي يتحنن علينا وعليهم وعلى أبناء بلدنا وعلى البشرية جمعاء ويعطينا إله السلام وأب المراحم سلامه الحقيقي الذي نلتمسه منه بحرارة فننعم بالسلام الإلهي الذي لا يزول ونمجده الى أبد الدهور. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 3 كانون الأول 2006
العدد 49