من هو قريبي؟ – المطران بولس (بندلي)
سؤال طرحه الناموسي أي العالم بالشريعة الإلهية على الرب يسوع بعد أن أكد له أساس الوصايا كلها وهو المحبة: محبة الله دون تجزئة التي تمتد الى القريب كما يحب الإنسان نفسه.
ونرى الناموسي يتوقف أمام كلمة “القريب”. هو الذي يفهم ما جاء في الوصايا يسأل الرب: “من هو قريبي؟”.
في طرحه نقطة استفهام يحاول أن يأخذ جواباً عنها في خلفية ذهنه أمور عديدة يمكننا أن نبرز منها إثنين:
الأمر الأول: يبحث عن “القريب” وكأنه مطلوب منه أن يصنف الناس الى صنفين” “قريب” و “غير قريب” ويلصق عنواناً لكل من الناس قائلاً: أعني فلاناً “قريباً لي” وأعني فلاناً آخراً “غير قريب”.
الأمر الثاني: لا بد أن يراعي التصنيف قواعد البشر يعني ذلك أن القريب هو أولاً قريب اللحم والدم أي من العائلة التي ينتمي الإنسان إليها. إنه من مرتبته الإجتماعية أو يفكر مثله وله آراء متطابقة لآرائه في معظم المواضيع إن لم يكن فيها كلها أي القريب هو المتشابه له في كل النواحي وكأنهما تؤمان أو أحدهما صورة “طبق الأصل” عن الآخر.
لابد أن الناموسي يفكر بهذين المعيارين كأساس لتحديد القريب.
أما جواب الرب يسوع فهو يختلف كلياً عن هذين الأمرين، فالقريب لا تلصق عليه ورقة تصنفه إنه القريب للإنسان. إنما الإنسان المفتش عن قريبه هو الذي “يجعل نفسه قريباً له” أي الإنسان إذا أراد أن يفتش عن قريبه ليحبه كنفسه يدخل في مغامرة الإقتراب إليه والانحناء فوق جراحه رغم مخاطر اللصوص الذين يحاولون أن يسلبوه إنسانيته باسم “النجاة بنفسه”. ولذلك سأل الرب يسوع الناموسي: “أي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريباً للذي وقع بين اللصوص”؟ (لو36:10).
وأما الأمر الثاني الذي كان يفكر به الناموسي حول “من هو قريبه” فأعطاه الرب مجالاً لكي يعطي جواباً مختلفاً تماماً عن المعتقد الشائع فسمعناه يجيب الرب يسوع قائلاً: “الذي صنع معه الرحمة” أي اعترف الناموسي أن القريب خلافاً للشائعات هو كل إنسان تضعه النعمة الإلهية في طريق حياتنا الشاقة المتعبة، فإذا ما انحنينا فوقه نصبح نحن أقرباء حقيقيين له حسب قلب الله. ألا أهلنا الله لذلك بنعمته. آمين.
نشرة البشارة
الأحد 12 تشرين الثاني 2006
العدد 46