تقديم صاحب السِيادة
قبل َ الخِتام لا بدَّ من كلماتِ شُكْرٍ تُقال.
شكراً لِديرِ سيِّدة البلمندِ بِشخصِ رئيسهِ قدس الأب الأرشمندريت رومانوس حَنّاة المحترم، وقد فتح لنا كنيسة الدير وباركنا بِصلواته.َ
شكراً لجامعةِ البلمند بِشخصِ رئيسها معالي الدكتور إيلي سالم المُحترم على استضافتِها إحتفالَنا مُتمنّين لها دوام الإزدهار.
شكراً لكم جميعاً أيّها الحضورُ الكريم على مُشاركَتِكُم إيّانا هذا الفرح.
أمّا بعد، فخالصُ الشكرِ نُقدّمُه لِصاحبِ السِّيادة المتروبوليت أفرام كرياكوس الجزيل الإحترام.
هو أبونا وسيّدُنا وبِبركتِه نعملُ. رعايتُهُ لنا تُولِينا نشاطاً لِنُتابعَ المسيرةَ ونضاعِفَ الجَهد. بِبركتِه إفتتحْنا احتفالَنا هذا، وبِبركتِه يَطيبُ لنا أن نختُمَهُ.
سيّدي راعي الأبرشيّة المتروبوليت أفرام الجزيل الإحترام المِنبرُ لك، تفضّل.
بركة صاحب السيادة المطران أفرام كرياكوس
أبائي الأجلّاء.
إخوتي جميعاً.
أيّها الحضور الكريم.
اليوم كان أحد القدّيس يوحنا السُلمي، يقول القدّيس في كِتابه ” السُلَّم الى الله” المقالة الأولى :” فمن هو يا تُرى الراهب الأمين الحكيم؟هو الذي يحفظ غيرته مُتقدةً إلى النهاية، ولا يزال حتى الممات يزيدُ على ناره ناراً وعلى اضطرامه اضطراماً وعلى شوقه شوقاً وعلى همته ونشاطه نشاطاً دون انقطاع”.
أمّا البطريرك الراحل اغناطيوس فيقول ن الإنسان الأرثوذكسي :” هو الذي يعيشُ راهباً في وسط العالم، أيما كان مهما فعل ، مهما كان أينما وُجِد”.
هذا يعني أيُّها الأحبّاء، أنّه يجب علينا نحنُ المسيحيّين الأرثوذكسيّين اليوم أن نلتصق بالمسيح في كلِّ وقتٍ وفي كلِّ مكان، أن يكون المسيح لنا كُلَّ شيء في عملنا، في بيتنا، في عائلاتنا، في مهنتنا، في رعيّتنا.
الرُسُلَ تركوا كُلَّ شيء وتبعوه.
أمَّا بِالنسبة لِحركة الشبيبة الأرثوذكسيّة فقد وصلت الى عيدها اليوبيل الماسي، فماذا نقول؟
إنّهُ لا بُدَّ من وجودها اليوم في الكنيسة ولاستمرارها كما قلتم في العمل بِخاصةٍ في حقل الشباب.طبعاً دون أن تنسخ الأساليب التي كانت مُتّبعة قديماً بل أن تُكيِّفها لِعالم اليوم كما قيل أيضاً.
أن تُحافظَ كما قُلنا على الغيرة والشوقِ المعروفين عنها.
هذا على الرَّغمِ مِمَّا كان يقوله الأب الياس مُرقس الراحل قديماً، كان يقول:” الحركةُ وُجِدت لِكي يأتي يومٌ لم نَعُد بِحاجةٍ إليها”.
هذا اليوم لم يأتي يبدو بعدُ.
ما نحن بِحاجةٍ اليه اليوم، رغم كُلّ المُتغيِّرات، رغم كُلِّ صعوبات العصر الى المُحافظة عليه، أقول مثلاً السهرات الإنجيليّة في البيوت والخُلوات الروحيّة في الأديار.
هذا ما أتذكّر كما نشأنا وتعلّقنا بِالكنيسة.
الحلقات الدِراسيّة السكولاستيكيّة مُفيدة، لكنّها لا تأتي في الأولويّات.
أخيراً وليس آخراً، ولن أُطيل الكلام عليكم، أُريدُ أن أنقل لكم خِبرةً اكتسبتُها كمطرانٍ على هذه الأبرشيّة، أبرشيّة طرابلس والكورة وتوابعهما.
أولاً، أينما كنت أذهبُ كنتُ أقولُ لِلكهنة ولِمجالس الرعايا:” المُهم ليس الحجر بل البشر، تربِية الإنسان، رِعاية نفوس البشر”.
ثانياً، بِالنسبةِ لِلحركة، ولِغيرها مِن العاملين في حقل الكنيسة، اليوم في العالم ما قاله قِيافا رئيسُ الكهنة مُتنبِّئاً:” أن يسوع مُزمِعٌ أن يموت عن الأُمَّة، وليس عن الأُمةِ فقط بل أن يجمعَ أبناءَ الله المُتفرّقين الى واحد”.
والسلّام وكل عيد وانتم بِخير
مقالة ” الحركة حركة محبّة ومُشارة” لِرئيس فرع الميناء السابق الأخ نبيل الدبس التي وُزّعت ضمن الاحتفال بعيد الحركة
تبارك الله إلهنا كلّ حين، الآن وكلّ أوانٍ وإلى دهر الدّاهرين. آمين.
أحبّتي،
يُسعدني أن اُخاطب محبّتكم في هذا العيد المبارك، وإن كانت كلّ كلمات البشر تعجَز عن التّعبير عن محبّة الله، الّتي أوصَلَتنا إلى هذا اليوم، واسمحوا لي، يا إخوتي، أن أتوجّه إليكم بأحرّ التَّهاني وأغلى التّمنيّات، سائلًا الرّبّ أن نعيش بحسب وصيّته “مجّانًا أخذتم، مجّانًا أعطوا”.
ماذا أقول عن الحركة؟ هي سَنَواتٌ زاخرةٌ بالحبّ، صاخبةٌ بالنّشاط، أُحاول أن أختصرَها أمامكم بدقائق عابرة. قطار العمر يسير، والأيّام تتوالى وها هي الذّاكرة الآن تصحو على ضوءٍ آتٍ من البعيد، من ماضيّ القابع في قلبي وروحي ووجداني.
الحركة حياةٌ، فيها التمسْتُ محبّة الرّبّ. هذه المحبّة التّي تغلغلت في ذاتي فنشرت الدّفء، وكانت أشبه بغيمةٍ محمَّلةٍ بالغيث تنتظرها الكائناتُ حين يغزوها الظَمأ. المحبّة الّتي هي فعل إيمانٍ راسخٍ بالله تَبعث الأمل في النّفوس، وتوقد العزمَ في شرايين الحياة.
اِلتَمَستُ هذه المحبّةَ من خلال مرافقة إخوةٍ ومرشدينَ وآباءٍ أنعم الله بهم علينا، ومن أعظمهذه النّعم إرشاد قدّيسنا الرّاحل، الحاضر أبدًا، “كوستي بندلي” ومرافقته الحثيثة لنا، ونحن في عمر الشّباب.
لقد غمرَنا بفيض محبّتِه المنسوجة من محبّة الله المجّانيّة، عَلَّمَنا كيف نحبّ وَنتشارك في الخدمة، خدمة إخوة يسوع الصّغار، أرشَدَني ورافقَني منذ بدء علاقتي بشريكة عمري، وما يزال، فتعَلَّمْنا معه كيف نربّي لنبني عائلةً مسيحيّةً ونطلق أبناءنا أحرارًا في المسيح يواجِهون الحياة بحُلوّها ومرّها.
تعلَّمنا معه أيضًا الإيمان والرّجاء وكيف نعمل ونشهد ونخدُم بمحبّةٍ مجّانيّةٍ لا تطلبُ شيئًا لذاتها.
إنّ الكنوز الدّفينة، الّتي كشفَها لي هذا الأخ الحبيب، لا تُقدّرُ بثمنٍ لا بل أتجرّأ لأقول بأنّ الرّبّكشف لي ذاته من خلاله ومن خلال قاماتٍ أخرى، وإنّ كلّ ما نحن عليه الآن ليس إلّا نتيجة هذا الكشف المُحيي.
إنّ الحركةَ حركةُ حُبّ نحو الخالق، وإخوته الصّغار، ولا تصلح أن تكون غير ذلك، وإلّا خانت العهد. هكذا تربَّينا، وجهِدْنا أن نربّي، ونرجو الرّبَّ أن يثبّتنا في الإيمان كي نعمل على الدّوام لتحقيق مشيئته. بلوَرَت حركةُ الشّبيبة الأرثوذكسيّة شخصيّتي وصقلَتْها من خلال المعرفة، الّتي اكتسبْتُها من عدّة روافد وبمعيّة أحبّةٍ. لقد كان للمشاركة والتّفاعل في كافّة النّدوات والحلقات واللّقاءات محطّةٌ بارزةٌ في حياتنا، تعلَّمْنا من خلالها فنّ الإصغاء والحوار، وقد لعبت هذه الأمور دورًا أساسيًّا في بناء شخصيّتنا المسيحيّة المنفتحةالقادرةعلى بناء جسور تواصلٍ مع مختلف الأجيال، ومختلف الفئات، وكنّا نختبر ونكتشف معًا حلاوة العيش مع يسوع.
كما كان للصّلاة خبرةُ حياةٍ في الكنيسة، تعلَّمْناها وتشارَكنا فرحَها من خلال الصّلوات الطقسيّة وفرق الصّلاة العفويّة، الّتي أطلَقَها الأخ كوستي لنتعرّف أنّ الصّلاةَ هي علاقةٌ متينةٌ مع مَن أحبَّنا أوّلًا، وأنّه لا بدّ لكي تنمو هذه العلاقة مِن علاقةٍ شخصيّةٍ مع الرّبّ وإخوته.
أمّا بالنّسبة للصّوم فأيقَنّا أنّه تمرُّسٌ بعدم التّلهّي بالعطايا عن المعطي، وأنّنا نصوم لنشارك الآخرين بعطايا الله ونعمه وإلّا يفقد الصّوم بُعديْه: العاموديّ مَعَ المعطي، والأفقيّ مع الإخوة، وانطلاقًا من ذلك كان صندوق المشاركة، وقد كنّا نكثّف التزامنا به خلال الصّوم كفعل محبّةٍ لإخوتنا في الإنسانيّة.
كلّ ما تعلّمناه كان مقرونًا بأعمالٍ أَدخلت الفرح إلى قلوبنا، وكانت صدًى لقناعاتنا، وترجمةً فعليّةً للمحبّة، الّتِي هي المدماك الأساسيّ لبناء علاقةٍ سويّةٍ مع الرّبّ.
إنّ كلّ عملٍ يعيد للإنسان اعتبارَه، وللحرّيّة كرامتَها، وللقانون عدلَه هو عملٌ مقدّسٌ.
لذلك عملنَا في مركز طرابلس الحبيب، وقد رافقْنا آباءً ومرشدين وإخوةً اغتنينا بهم ومعهم في مجالات العمل في الأسر الحركيّة، ومواجهة بدعة شهود يهوه، وزرعْنا معًا بعضًا ممّا أغدَق الرّبّ علينا من مواهب، على رجاء أن ينمو هذا الزّرعُ ويثمر ويرعاه الرّبّ بمحبّته الإلهيّة.
لقد كان للعمل مع الرّعيّة، من خلال سهراتٍ رِعائيّةٍ جرت في بيوت إخوةٍ مؤمنين برفقة آباءٍ أجلّاءٍ ( وهنا أخصّ بالذّكر الأب بولس أي المطران المثلّث الرّحمات بولس بندلي)، طعمٌ خاصٌّ ونكهةٌ مميّزةٌ، فقد تلمَّسنا من خلالها مدى حاجة أبناء الرّعيّة لأن يكونوا محتضَنين من قبل الآباء والإخوة معًا، لأنّنا كلّنا أعضاءٌ لجسدٍ واحدٍ رأسه المسيح.
وأمّا العمل الاجتماعيّ فكان مجالًا فعّالًا لعيش حياة الشّركة من خلال المساهمة في تعهُّد إخوةٍ لنا كنّا نستشفّ حاجاتهم ونعمل جاهدين لتلبيّة ما يمكن منها ونتقاسم وإيّاهم نِعم الله لأنّ ما نملكه ليس إلَا عطيّةً من لدنه لنشارك بها الإخوة، وهذا هو الجوهر الأساسيّ للخدمة ويجب أنْ يبقى.
وقد شكّل العمل في مجتمعنا خارج نطاق الرّعيّة هاجسًا أساسيًّا وضعناه نصب أعيننا، فجهدنا على التّفاعل مع شؤون المحيط الّذي نعيش فيه والتزام قضاياه مع بقيّة الهيئات والأندية والجمعيّات، والانخراط معهم لنصرة كلّ مظلومٍ، ومسح دمعة كلّ فقيرٍ محتاجٍ، إذ لا يحقّ للكنيسة أن تغيب عن هذه الهواجس وإلَا نصبح خارج التّاريخ والمجتمع، متناسين التزام يسوع المسيح هموم النّاس والفقراء.
أيّها الإخوة، الحركة عمل الرّوح، لذا هي لا تقاس بعدد السّنين أو بعدد الأعضاء، فلنصَلّ لكي ندَع الرّوح يعمل فينا لنتجدّد أبدًا ونجدّد الخليقة بأسرها. هنا دورنا، وهنا تكمن رسالتنا. فلْنوقظ بعضنا بعضًا لئلّا نلبث خارج خدر المسيح.
وفي الختام، أسأل الرّبّ أن يبقينا ثابتين في الإيمان والمحبّة والرّجاء، مخلصين لمسيرة هذه الحركة، وأمناء على استمرار جُذوة الرّوح، الّتي أُطلقت في هذه الكنيسة، عالمين أنّ الرّوح يهبّ حيث يشاء، وأنّ لا فضل لنا بأيّ شيءٍ إلّا بمقدار ما نلتصق بالمسيح فيكون لنا إلهًا ونكون له شعبًا.
وكلّ عامٍ والجميع بخير، باسم الآب والابن والرّوح القدس. آمين