محاولات انتحار بين الطلاب في لبنان والعدد حول العالم قد يصل إلى 5000

mjoa Tuesday May 30, 2017 196

محاولات انتحار بين الطلاب في لبنان والعدد حول العالم قد يصل إلى 5000

سلوى أبو شقرا – النهار

بات الانتحار أزمة تهدد المجتمع اللبناني بالفعل، بعدما كان خطوةً شخصية لا يجرؤ كثٌر على الإقدام عليها، فصار ظاهرةً جماعية بعد ازدياد أعداد المنتحرين لدوافع وأسباب عدة منها الوضع الاجتماعي والنفسي، والاقتصادي والسياسي في البلد، في ظل غياب أي توعية حول أهمية الصحة النفسية. هذه الظاهرة التي لا ترتبط بلبنان وحسب، تزداد تأثيراً جراء الانترنت وعدم مراقبة من الأهل ما يشاهده أبناؤهم خلف شاشات الحاسوب أو الخليوي. فهذا الحقل الافتراضي المليء بالأفلام والمواضيع والتواصل مع أشخاص حقيقيين وافتراضيين، أصبح مرتعاً لبث الأفكار السلبية.
13 سبباً للانتحار!

inti7ar“لا تدعوهم يشاهدونه وحدهم” عبارة تصدرت عناوين الإعلام الغربي لأنَّ المسلسل التلفزيوني الأميركي 13 reasons why احتل أعلى نسب المشاهدات، ولم يدرك الأهل خطورته. هذه السلسلة تعرض قصة انتحار تلميذة تُدعى هانا في سن المراهقة، والتي تترك وراءها 13 شريطاً تشرح من خلالها الأسباب والعوامل التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار. وتستند السلسلة إلى الكتاب الأكثر مبيعاً الذي يحمل الاسم نفسه للكاتب جاي أشر الصادر عام 2007 والذي ساهمت في إنتاجه المغنية سيلينا غوميز. هذه السلسلة التي تُعرض في موقع “نيتفليكس” الإلكتروني تتناول مشاعر العزلة، واليأس، والإحباط والغضب المألوفة لدى كثيرٍ من المراهقين. ويعرض المسلسل إدمان المخدرات، والاغتصاب والبلطجة ما يمثل تشجيعاً حقيقياً للمراهقين على الانتحار ويستدعي فتح الباب للحوار العاجل والضروري. وقد كتب آشر هذا الكتاب بعدما حاول أحد أقاربه الانتحار في سن المراهقة، لذلك نشره وجال في مدارس في جميع الولايات الـ 50 ليقول للطلاب إنه “يجب عدم الخوف من الحديث عن عدم الارتياح لبعض ما يواجهونه، هدف الكتاب إفهام الناس أهمية الخطوة الأولى نحو طلب المساعدة”. ولكنَّ الأمور سارت عكس ما شاء. غوميز التي أنتجت السلسلة كاملة أشارت إلى أنها تسعى لمساعدة الملايين من الناس عبر تقاسم قصصهم الشخصية، بهدف محاربة الأوقات الصعبة الخاصة. وهي سبق أن أمضت ثلاثة أشهر في مركز إعادة التأهيل بغية التركيز على الحفاظ على صحتها وسعادتها. من جهته، أعلن “نيتفليكس” أنه سيضيف “بطاقة تحذير للمشاهد قبل الحلقة الأولى كإجراء وقائي”. في حين يطالب الأهل بوقف الترويج للمسلسل وإزالته من العرض فوراً والتغاضي عن الخطط لموسم ثانٍ.
من 15 عاماً إلى 10

تخبر المعالجة النفسية والأستاذة الجامعية ديالا عيتاني في حديث لـ”النهار” إلى أنَّه “في 3 مدارس خاصة كبرى لبنانية حاول تلامذة قطع شرايين أيديهم، وأرسلوا صوراً لرفاقهم في الصف وحمَّلوهم مسؤولية فعلتهم. يحاولون القطع عبر سكين، أو كاتر، أو مقص، فرجار (compas) أو مسطرة، فتوجه أصدقاؤهم لي بحكم أنني معالجة في المدرسة وأخبروني خوفهم على رفاقهم جراء إقدامهم على محاولة الانتحار وربطوا ذلك بالسلسلة التي تُعرض أي 13 reasons why. فتنبهنا إليها ومخاطرها، فالمرحلة العمرية التي تعاني من الاضطرابات أصبحت بين 10 سنوات لا 15 كما كان في السابق بوجود الانترنت والخليوي وغياب رقابة الأهل، واعتقادهم أن ما يجري هو نوع من السخافات. يجب أن يكون الآباء والأمهات على علم بما يجري مع أولادهم من دون الحكم المسبق، وإذا سمعوهم يتحدثون عن الانتحار أو لديهم خطة عليهم أخذ المسألة على محمل الجد. فمن عمر 10 إلى 13 عاماً يكون الدماغ غير متطور، وينقسم بين القشرة الجبهية المسؤولة عن التفكير، واللوزة العصبية المسؤولة عن العواطف والمشاعر والتفاعل، وهي متطورة جداً في هذا العمر. لا يمكن الأهل القول “ربيت ابني ولن يفكر بهذه الخطوة ولكنَّ العكس قد يحصل”. وتضيف أنَّ “من ينتحر وينجح بالوفاة فوراً يعاني من اضطراب عقلي، أما من يحاول فيعاني من اكتئاب أو قلق أو ثنائي القطب”.

نصائح للأهل

تقدم عيتاني نصائح للأهل أهمها ملاحظة أي تغيير مفاجىء من قلة الأكل أو النوم كثيراً أو الانزواء أو غير ذلك، التي تعتبر مؤشرات على تغيير حال الأبناء:

– ضرورة تقرب الأهل من أبنائهم، وأن تكون هناك ثقة متبادلة ووعي وقبول لمرورهم بمراحل صعبة.

– إعطاء مجال للأبناء للتعبير عن أفكارهم والاستماع إليهم من دون لومهم أو تأنيبهم.

– القيام بنشاطات عائلية خارج المنزل، وخصوصاً أنه لم يعد في لبنان عائلة عادية بل مفككة إذ إنَّ الأب يعمل في الخارج، والأم تعيش توتراً دائماً.

–  على الأهل تفادي المقارنة بين أبنائهم والآخرين، إذ لذلك انعاكس سلبي عليهم.

– التوجه إلى الطبيعة أو البحر وتمضية يوم كامل من دون استعمال الهاتف لأنَّ الضوضاء في المدينة والضجيج يؤثران في الدماغ ويؤديان إلى التوتر.

– يُفضَّل إلى جانب الأهل، وجود مراقب نفسي أو أحد الأقارب للاستماع إلى مشاكل المراهق والتحاور معه.

90 % يعانون اضطراباً نفسياً

تفيد الإحصاءات أن ما يقرب من 5000 شاب تراوح أعمارهم بين 15 إلى 24 عاماً سيموتون انتحاراً هذا العام. ويبدو أنَّ هذه السلسلة تنشُر ظاهرة عدوى الانتحار. وتفيد المعطيات بحسب صحيفة USATODAY أنَّ “المراهقين أكثر عُرضةً لخطر الانتحار من الأطفال أو البالغين لأنَّ دماغهم يتطور في هذه المرحلة العمرية ما يجعلهم أكثر اضطراباً. كما أنَّ 75% من الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان تبدأ قبل سن الـ 24، و50% قبل سن 14. و90% من المراهقين المنتحرين يعانون اضطراباً نفسياً كالاكتئاب وتعاطي المخدرات. ووفق صحيفة “الصن” البريطانية، فقد وجهت مدرستان في المملكة المتحدة تحذيراً للآباء والأمهات للتيقظ إلى هذا المسلسل الذي يثير المخاوف إذ يعتبر مادة جاذبة للطلاب خصوصاً الذين تراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً.  

وحضّت المدارس البريطانية الأهل على إجراء محادثات مع أطفالهم إذا ما شاهدوا هذه السلسلة المثيرة للجدل. وقالت المدارس: “نحن نشعر بالقلق من أن أشخاصاً بمختلف الأعمار بإمكانهم مشاهدة هذه السلسلة إذ يمكن الولوج إلى موقع “نيتفليكس” من دون الرقابة الأبوية. فيما يجد آخرون أنها توفر فرصة قيمة لمناقشة خطر الانتحار مع الشباب، وتعليمهم كيفية تحديد علامات التحذير من الاكتئاب أو الأفكار الانتحارية بين أقرانهم.

وبحسب الجمعية الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها فإنَّ الانتحار بين الشباب الأميركيين الذين تراوح أعمارهم بين 10 و24 عاماً يُعدُّ السبب الثالث للوفاة. وفي بريطانيا، ارتفعت معدلات الانتحار بين هذه الفئة العمرية أيضاً إلى أكثر من 15 لكل 100 ألف شخص عام 2015. وفي أوستراليا قُدِّرت المعدلات بـ 50 لكل 100 ألف شخص. والأرقام في لبنان لا تبشر بالخير أيضاً فقد وصلت حالات الانتحار عام 2017 إلى 36 حالة بين كانون الثاني وآذار من العام 2017.

يؤكد صانعو السلسلة أنَّ الهدف منها إذكاء الوعي حول ما يعانيه ملايين الأفراد والطلاب حول العالم. إلاَّ أنَّ السلسلة انحرفت عن مسارها لتؤثر في الطلاب وتدفعهم إلى الانتحار لا مشاركة ومواجهة مشاكلهم، ولكن من غير الجائز تحميل هذه السلسلة كل المسؤولية لأنَّ عوامل عدَّة تساهم في جنوح المراهقين والكبار نحو هذا القرار، أبرزها هشاشتهم النفسية وعدم تيقظ الأهل إلى تفاصيل حياة أبنائهم إلى جانب الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share