التواصل اللاعنفيّ، مقاربة نفسيّة وروحيّة

mjoa Saturday November 4, 2017 252

التواصل اللاعنفيّ، مقاربة نفسيّة وروحيّة

MJO – رامي حصني

IMG-20171104-WA0018

“هذه أوّل مرّة أشارك في مخيّم من هذا النوع. لقد أحببت الفكرة، وأحببت المواضيع. إنّها تلامسنا من الداخل وتحاكي واقعنا…لذلك كلّنا تفاعلنا معها”. هكذا عبّرت حلا شحود، ١٩سنة، طالبة جامعيّة من مركز حلب، عن انطباعها إثر مشاركتها مع حوالي ثلاثين جامعيّ في لقاء أسرة الجامعيّين السنويّ، الذي عقد في مركز القديس بورفيريوس في الأشرفية، واستمرّ لمدّة أربعة أيّام بين ٢٨ أيلول و١ تشرين الأوَّل 2017.

IMG-20171104-WA0010“التواصل اللاعنفيّ، مقاربة نفسيّة وروحيّة” كان الموضوع المختار لهذه السنة، نظراً لما نصادفه في حياتنا اليوميّة، من عنف في التواصل سواءٌ أكان في البيت أو العمل أو الطريق أو مواقع التواصل الاجتماعيّ… وقد تدارس المشاركون الموضوع من جوانبه كافّة، وتعمّقوا فيه عبر عدّة محطّات.

المحطّة الأولى كانت مع المطران أنطونيوس الصوري الذي كلّمهم على “وداعة يسوع”، وعلى ما تعني الوداعة وما يتخلّلها من صبر وطول أناة، وتواضع وسعة قلب، وتحمّل الذين يريدون لنا الشرّ، أو يتكلّمون علينا بالسوء. جرت هذه المحاضرة الأولى في كنيسة الحدث، حيث شارك أبناء الرعيّة وكاهنها، وكهنة آخرون وحركيو جبل لبنان، حتى غصّت الكنيسة والشعريّة بأكثر من مئتي شخص من كلّ الأعمار. كلّهم استمعوا إلى سيادته بلهفة كبيرة.
المحطّة الثانية كانت مع الأخ جورج معلولي الذي تناول الموضوع من الناحية البيولوجيّة، مقارناً بين غريزة الحيوان ودماغ الإنسان بقسميه: القشرة والدماغ العميق. وكيف يظهر العنف إذا ما ضعف تحكّم القشرة بالدماغ العميق. ثمّ استفاض في شرح قوى النفس (الأهواء غير المُعابة). بعدها تناول عدّة استشهادات من الفيلوكاليا لآباء كبار كالقديسين إيفاغريوس البطني ويوحنا كاسيان، فبدت هذه النصوص أليفة وسهلة الفهم بعد المقدّمة التي قدمها المحاضر. تميّزت هذه المحطة بتفاعل الحضور، حيث أدلى كلٌّ منهم بدلوه حول ما يعرف عن الحيوانات من الأفلام الوثائقيّة، وما يعرف عن البيولوجيا وتركيبة عقل الإنسان.

أمّا المحطّة الثالثة فكانت مع الأخت زينة أبو الروس، التي تناولت الموضوع من الناحية النفسيّة. تميّزت هذه المحطّة بواقعيّتها، والطرق الملموسة والعمليّة التي قدّمتها أبو الروس، وَهِيَ الخبيرةُ في هذا المجال.
فبعدما عدّدت العوامل النفسيّة التي قد تؤدّي إلى العنف كالعلاقات العائليّة والعوامل الثقافيّة وتطوّر الطفولة… عرضت الأخت زينة بعض الحلول الممكنة لأنواع الانفعالات العنفيّة، كمداواة الألم والحزن بالمواسات ومداواة الغضب والقسوة بالمسامحة…

IMG-20171104-WA0011“مهارات التواصل غير العنفيّ” كانت عنوان المحطّة الرابعة، حيث قدّم الأخ رامي حصني بعض الطرق العمليّة في القول والتصرّف وكيفيّة اختيار الكلمات غير المشحونة التي تهدف إلى بناء تواصل ناجع وإقناعٍ فعّال.
كذلك تمرّن الجامعيّون على تفهّم الآخر، وتفهّم أفكار الذات، مع الأخ رودريغ صافي، وذلك عبر تمثيل بعض المشاهد المسرحيّة التي علّق عليها المشاركون واستنتج منها الأخ رودريغ أفكاراً تهدف إلى تفادي التواصل المشحون والعنفيّ.

المحطّة الأخيرة كانت حول العنف في بعض النصوص الدينيّة وكيفيّة فهمها والتعامل معها. قدّم هذه المداخلة الأخ فادي شاهين، الذي ركز على ضرورة اللاعنف على مثال الربّ يسوع قدوتنا، ولو كلّف ذلك حياتنا. وأعطى الأخ فادي القديسَين إغناطيوس وبولس مثلاً، لما عانياه من الاضطهادات والعذابات. ولكن هذا لا يعني أن نتجنّب الشهادة للحقّ كي نلوذ باللاعنف، بل أن نجاهر فيه تماماً كما فعل الربّ يسوع أيضاً. وأضاف أنّ هذا التصرّف هو مبدؤنا، لكنّنا دوما نصلّي أن لا ندخل في التجربة وألاّ ندين تصرّف الآخرين عندما يقعون في المحن ويتصرّفون آنذاك عكس المبدأ.

كذلك التقى المشاركون الأخ فادي نصر، أمين عام حركة الشبيبة الأرثوذكسيّة، الذي ركزّ على تفادي الفرديّة، التي ربّما تدفعنا إليها الآلة والانترنيت في هذا العصر، وشدّد على أن المسيحيّة هي ديانة وجه.

IMG-20171104-WA0013تخلّل اللقاء التعرّف إلى أبرشيّة بيروت مع الأب يوئيل ناصيف، وتعلُّم نشيد الترتيل مع الأخت ساندي جرجي، وورشة أعمال يدويّة مع الأخت ميراي ديب.

وأيضا، زار المشاركون متحف وكاتدرائيّة مار جرجس في وسط بيروت، وكذلك متحف “ميم” المميّز بمعادنه الملوّنة بشكل طبيعيّ ومتحجّراته الأخّاذة.

إتّخذ المخيّم من قول القديس سارافيم ساروفسكي شعاراً له “إن كنتَ في سلام مع نفسك يخلص من حولك الكثيرون”. هذا تحقّق فعلا لا قولا في المخيّم، حيث تشارك الجامعيّون في الصلاة والتأمّل والأكل والصوم واللعب والتسلية والغناء والرقص والنقاشات والبحث والمشي والسياحة…عاشوا حياة شركة مفعمة بالسلام والصداقة والمحبّة، حتّى بدا الآتي من حلب وطرابلس والجبل وعكار ودمشق واللاذقية. بدا الكلّ إخوةً وأصدقاء وكأنّهم يعرفون بعضهم البعض منذ وقت بعيد.

عاد المشاركون إلى فروعهم ومحيطاتهم ورعاياهم، للعمل في حقل الربّ الواسع، كصانعي السلام الذي يرجونه من العُلى.
فيما يلي فيلم عن هذا المخيّم

https://youtu.be/BGEqZkKf8WI

IMG-20171104-WA0014  IMG-20171104-WA0015

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share