يوحنّا السابق – المطران جورج (خضر)

نشرة رعيتي Wednesday January 3, 2018 337

في اليوم الذي يلي عيد الظهور الإلهيّ، نقيم ذكرى جامعة للقدّيس يوحنّا المعمدان. تبرز شخصيّة يوحنّا أمامنا ساحرة صدّاعة بآن معًا. رجل في منتهى التواضع لكي يُظهر المسيح لإسرائيل. كان يختفي ويريد أن يختفي واعتبر أنّ رسالته قد انتهت بمجيء ذلك العظيم المرتجى. لذلك انتهى دوره بعد أن عمّد يسوع بالماء إلى أن سُجن من أجل الحقيقة التي قالها لهيرودس.

holy-headقد نسأل لماذا استطاع أن يكون متواضعًا، وكيف تمكّن من أن يحيا هذه الحياة الجديدة، كيف قدر على أن يصمد أمام الملك الظالم وأن يذهب به صموده حتّى الشهادة. سرّ ذلك في أنّه كان زاهدًا بكلّ ما يملك الناس وبما يشتهيه الناس. كان يوحنّا يعيش وحده في الصحراء ليشير إلى أنّ وحدة الإنسان هي مع الله ولقائه مع الحقيقة. هذا يتمّ بالعيش بالقفر بلا طعام، بلا مأوى. كان يوحنّا يقتات من الجراد والعسل البرّيّ.

أن نأكل كثيرًا يعني أنّنا نخشى الموت، وألّا نأكل يعني أنّنا لا نخاف الموت. نظنّ أنّ الطعام يقينا خطر الموت. أمّا يوحنّا فكان يطلب الوحدة حتّى النهاية حتّى حدود الجوع. زهد بكلّ ما يساورنا من أمجاد. زهد بالكهنوت وأبوه كان كاهنًا وكان الكهنوت حقًّا له. وكان الكهنوت يعني آنذاك بعضًا من مجد. زهد بمجد كان يستطيع أن يناله إذ كان مقرّبًا من هيرودوس الملك الذي كان يصغي إليه بفرح. ولأنّه كان زاهدًا بمجد البلاط الملكيّ كان يوبّخ الملك. ما كان يحجب ضميره بسبب الصداقة التي تربطه بالملك.

كان يوحنّا يؤمن بأنّ لله حقوقًا على الناس وبأنّ عليه أن يذكّر الناس جميعًا بحقّ الله عليهم وبأنّهم جميعًا تراب. لكن مَن يتعاطى أمورًا كهذه يعرّض نفسه ويوحنّا عرّض نفسه لمّا قال لصديقه الملك: لا يجوز لك أن تأخذ امرأة أخيك. ما كان هذا الكلام يروق للملك الزاني مع أنّه كان يُسرّ بالأقوال الأخرى التي كان يسمعها من يوحنّا.

ثمّ كانت هذه الحفلة الساهرة الماجنة، وكان الملك قد دعا أكابر القوم وآكلهم وشاربهم حتّى سكر، وأقسم أن يعطي الصبيّة الراقصة ما شاءت ولو كان نصف مملكته. فذهبت إلى أمّها التي طلبت رأس يوحنّا على طبق. ومن بعد ذلك صار رأسه نورًا للعالمين.

هذه الميتة الكبرى، التي نعيّد لها في الكنيسة المقدّسة في ٢٩ آب، كانت تهيئة لموت المخلّص. يوحنّا رجل عاش قبل يسوع وكأنّه مخلّص، لذلك جعلت الكنيسة عيدًا له في ثاني يوم من ظهور الربّ يسوع كأنّه هو أيضًا ظهر بضياء.

جاورجيوس مطران جبيل والبترون وما يليهما (جبل لبنان)

نشرة رعيتي

0 Shares
0 Shares
Tweet
Share