لقد علّمنا أبونا المتروبوليت جاورجيوس منذ ما يزيد عن 76 سنة، أنّ المسيح قام. أتانا سحَراً عميقاً وقال:”إذهبوا وقولوا للعالم أنّ ربّكم قد قام من بين الأموات، وأقامكم معه.”
كنّا قبل هذه البشرى، أشخاصاً نرزح تحت ألف ثقلٍ وثقل، كنّا محاصرين بألف بابٍ وباب، باب الخطايا، وباب البُعد، وباب الجهل، وباب الموت. لاقانا ملاكاً، أمام أثقالنا وأبوابنا، أي أمام قبورنا فيما كنّا ندخلها، ورسم لنا دروب حياة جديدة. وها هو اليوم وحتّى بعد استعفائه، ما زال يلاقينا ويرسم، وليس لنا سوى أن نرجو الله الحيّ الّذي كلّفه بأن يفعل، أن يزيده من خيره الباقي إلى سنين عديدة.
عندما جاء راهبٌ إلى الأب باخوميوس(وهو قدّيس من القرن الرابع) قال له:”حدّثنا عمّا يظهر لك في الرؤى.” أجابه:”الخاطىء مثلي لا يطلب من الله أن يكون لديه أيّ رؤى.. ومع ذلك استمعْ، فإنّي سأحدّثك عن رؤيا عظيمة: إذا رأيت إنساناً طاهراً ومتواضعاً فهذه رؤيا عظيمة. فما هو أعظم من هذه الرؤيا أن ترى الله غير المنظور عبر الإنسان المنظور الّذي هو هيكل الله.” هكذا عرفناك سيّدي واعتبرناك رجل الله لأنّك أنت قلت:”أنّ رجل الله لا يهمّه في الأرض غير الله، ولا يعمل إلاّ لقضيّة الله”.
كنتَ خادماً أميناً للكلمة، رسولَ الوداعة والبساطة والتواضع، كنتَ أيقونة حيّة للمسيح، أنت القائل”فمن لم يرَ الله مرتسماً على وجه كاهن أو أسقف لا يمكن أن يتّخذه راعياً”.
ونحن اليوم نرجو الله أن يُنعم على هذه الأبرشيّة بأسقفٍ يحفظ كنيسة المسيح مجيدة لا عيب فيها ولا تجعّد، وما أشبه ذلك بل مقدّسة لا عيب فيها.
أسقفٌ يمسحُ كلّ دمعة من عيون أبنائه وينعش الإيمان لأنّ أبوّة الله ممكنة في السماء وعلى الأرض.
أسقفٌ متواضع لأنّ التواضع شرط الخدمة.
”أسقفٌ بلا لوم كوكيل الله غير معجب بنفسه ولا غضوب ولا مدمن الخمر ولا ضرّاب ولا طامع في الربح القبيح بل مضيفاً للغرباء، محبًّا للخير متعقّلاً بارًّا ورعاً ضابطاً لنفسه ملازماً للكلمة الصادقة الّتي بحسب التعليم لكي يكون قادراً أن يعظ بالتعليم ويوبّخ المناقضين (رسالة تيطس 7:1-9)”
أسقفٌ قضيّته الوحيدة أن يبقى وجه يسوع وحده ساطعاً في هذه الأرض.
أسقفٌ يخدم المحرومين (مر 42:10-44)
أسقفٌ راعٍ للمؤمنين بلطف يسوع (تيطس 4:3-5)
أسقفٌ يكون إناءً للنّعمة من دون افتخار.
عندما سيم جورج خضر أسقفاً على هذه الأبرشيّة قال في كلمته:”هذه الكنيسة الّتي اختلج فؤادها للتجدّد أرادت تكليفي برعاية أبناءها وكأنّها تقول لإخواني في جبل لبنان أنّها تريدني في وسطهم قضيباً ساهراً بالكلمة يقظاً للخدمة…”
والآن إلى الأسقف الجديد نقول:”هذا رجاؤنا، أن تأتي من داخلك الممتلىء ألوهة، أن تذهب إلى الناس خادماً، أن تسحقَ نفسَك وتزول لكي يلبسك المسيح ولكي تلبسه أنت، حتّى يضيء الرب أنواره على وجهك فلا يبقى لك وجه من هذا اللحم والدم، لكي يُبصر الناس أنّ وجهك هو وجه يسوع، عند ذلك سنصرخ، كلّ يوم، “مستحقّ” وحينها سيطيب لنا أن نسمع منك: “إنّني ساهر على كلمة الرب لأجريها”.
ريما ونوس